أي لـغة وأي خطاب يمكن أن يقال أو يستقيم قـوله؟ أمام
الوجه المكشوف والبشع الآن تجاه (اليوم/ العالمي) ( للمسرح) الذي أمسى أياما
تداخلت فيما بينها بسرعة متناهية؛ منـتجة
عرضا " مسرحيا" دوليا / عالميا/ كونيا / بطله " فيروس"
يُـمـسرح أحداثه بكل وثوقية وجرأة متناهية النظير !
" فيروس" يمارس فعله التلقائي أمام شخوص عالمية اختلفت لغتهم وتميزت قدراتهم الفكرية والفنية.
إنَّـه يحاور ويلاعب بإبداعه الواقعي/ الزئبقي، جموعا
بشرية تميزت ديانتهم وسلوكياتهم وذهنيتهم.
بذلك مقدما عرضا [ " كورونِـيّا" ] دونما
تداريب ولا اتفاق مسبق ولا قبل رفع الستار؛ وبدون استقبال الجمهور لصالة العرض ؛
مغيرا عوالمنا وأحلامنا وطموحاتنا لكوابيس لم تكن متوقعة؛ ماسحا من الخريطة
السنوية [[ اليوم العالمي ]] للحميمية
والحركة الخلاقة في بقاع العالم؛ وإن كان اليوم العالمي للمسرح في (العالم العربي)
يأخذ طابع ( الشكوى ) وصناعة ( الأزمة) والبحث عن أفق الإنتظارات ! لكن المثير في 2020 العالم بأناسه وعباده وحيواناته وطيوره
وجدرانه ومعالمه تشرئب أعناقها وأرواحها لأفق الإنتظارات من سينتصر: هل الطبي أو
الفقهي؟ أم السياسي أو المشعوذين؟ أم الديني أوالسحرة؟ أم العلمي أو الدجالين؟ أو مروجي
الشائعات والإشاعات؟ أم اللجوء إلى بركة الأولياء والشيوخ وترديد الأدعية؟ أم
فيروس كورونا؟
ذاك الفيروس (اللعين) لقد حـصد أرواحا في الشرق الأقصى؛
وهو يحصد أرواحا بكل قناعة وجرأة في أوروبا التي حولها إلى – جريحة – بكل المقاييس ! معلنا فتوحاته في الشرق الأدنى و إفريقيا؛ التي حول ركحـها المظلم
سلفا إلى روايات سوريالية ومشاهد مسرحية تراجيدية اختلط فيها الواقعي بالديني والخيال
بالسياسي ! وأيهما حقيقة؟ أمام الحزن
المؤجل والبكاء المضمر بين قتامة الوجود؛ وجـود يزاحمه ويسعى أن يلتهمه الوباء؛
ذاك الوباء الذي يحمل مملكته فوق تاجه / إكليله المتطور؛ الذي أوقف الحركة
الإبداعية من فوق الركح وخارجه وشل جمالية
الإبداع و نسف جغرافية الجسد في بلاغته ؛ فارضا إغلاق مسارح عالمية وغيرها وخلت من
العاملين والممثلين والجمهور بدون فتوى فقهية بل بقوة وجوده الحارق ! وإضفاء الأنوار بدون سند قانوني
بل بقوة وجوده القاتل ! وإعادة أموال كثيرة لجمهورها الذي حجز "
تذاكر" العروض بشهور قبل اجتياح " فيروس كورونا" بدون دعاوي ولا
محاكم بل بالأخلاق السامية والاتفاق المبدئي بين المسارح التي تحترم جمهورها؛
وتحترم نفسها قبل كل شيء . علاوة على الإغلاق هناك عزلة ثقافية / فكرية / جمالية
مرفوقة بتكبيل وإيقاف ملامسة الأيادي أو تحريكها بدون تدخل سلطوي بل بشبحه
التخويفي؛ تلك الأيادي والأكف التي كانت تصفق طربا واستحسانا ولذة وفرحا بعطاء
الممثلين الموهوبين والمبدعين، الذين فرض عليهم ((الفيروس المشؤوم)) معانقة الجدران (الآن) كبقية الخلق في مملكة الربِّ. والذين
اعتقلوا بدون جريرة ولا جريمة تذكر؛ ليظل مولانا " الكوروني" يقدم عرضه
المسرحي الساخر؛ معاندا مسرحية [الخرتيت] (ليونيسكو) ومتحديا [حياة
جاليليو] (لبريشت) أو
[الوباء] (لوكتاف ميربو)
لكي يسري بعناده ويتحرك بكبريائه وغروره بين المناطق ويهرول ويزحف بطمعه واندفاعه
بين الفضاءات؛ يخترق ويطير عبر الأقاليم المعلومة والجهات المعروفة والقارات
المرئية؛ لكنه هو غير مرئي؛ ليس جنيا ولا شيطــانا بل فيروسا يحطم ويهدم ما تبقى
من رمق الإنسان ؛ حينما يلتصق به ! حتى اختلطت
حولنا الحقيقة بالوهم كرواية [الطاعون] (لألبير
كامو) فانمحى الرمز ليظل الوهمُ
متناسلا بالإشاعة والإشاعة بالشعْـوذة والشعوذة بالعِـلم والعِلم بالدجل والدجل
بالطب؛ وأيهما سينتصر؟ والإنسان في خطئة المأسوي يسقط تراجيديا أمام عرضه الساخر.
كما سقط يومه 24/03/2020 الكاتب المسرحي الأمريكي (تيرينس
ماكـْنالي) بسبب مضاعفات إصابته بفيروس كورونا. ليفقده مسرح برودواي (نيويورك)
للأبد.
يالسخرية القـدر " فيروس" ملعون السلالة؛
منبوذ المعاشرة؛ مكروه المصافحة. يمثل ويشخص دوره البطولي في اليوم العالمي للمسرح؛
عرضا مسرحيا لوحـده. ! إنه بطل أسطوري ! تيمته [[تدمير إنسانية الإنسان]] وكل مسرحيي العالم يكافحون
بالكاد من أجل البقاء ؛ لكي يعودوا على الأقل لعوالم الأضواء ومعانقة الستارة
الحمراء. وليس بحثا عن سبب الوباء الذي ضرب مدينة " طيبة" وأهلك نسلها ورجالها؛
حتى سادت الفوضى وامتلأت المدينة بالجثث و... كما فعل " أوديب ملكا" سوفوكليس.
الذي دون في القرن الخامس (ق.م) كاشفا سريان وباء الطاعون وآثره الإجتماعية والسياسية؟
فهل هذا العمل بضخامته وروعته الأسطورية؛ سيفكر في إنتاجه أحد المسرحيين؟ إيفاء وعربونا لأرواح من فارقونا بسبب مسرحية
" فيروس كورونيا" وللتخفيف من أعراض الوباء الذي أصابنا في اليـوم العالمي لـلمسـرح " الكورونــي
" ولو نفسيا.
أو مسرحية روميو وجولييت (لشكسبير) هذا العمل الذي وظف الدين في الوباء والوباء في
الحب بعدما تم حجز الراهب الذي ساعد " جولييت" الحبيبة؛ ليصبح محجوزا في
الحجز الصحي؛ وذلك لاشتباهه بإصابته بمرض الطاعون؛ رفقة كاهن آخر.
هَـذا بعْـد شفـاء العالم من وقع صدمة العَـرض المسرحي
"التراجيدي" حقيقة. بحيث لما لا يفكر مسرحيو العالم العربي (تحديدا)
إعادة إنتاج أغلب الأعمال الدرامية التي تناولت الوباء بشتى تلويناته وأسمائه؛ تعويضا
لما ضاع في اليوم العالمي للمسرح.
لكل من يعمل في
هذا الفن ال رغم هشاشة الفن المسرحي. وتعويضا عن المخيلة، لأن المخيلة في العالم
العربي قد جفت أو توقفت لأسباب متعددة. فتلك الأعمال على الأقل ندرجها من باب الاستئناس
وإعادة روح الإبداع لموقعه أو كإعادة قراءة أولفهم من أين جاءت قوة وضراوة هذا الوباء (الكوروني) الذي فاق كل الأوبئة
التي اجتاحت تاريخ البشرية .
في صبيحة 26/03/2020
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق