تصدير : إلى صديقي الشاعر ضو ضيف الله و قد أعاد إليّ صوته ذات صيف شيئا من روح الشعر التي خمدت تحت وطأة الزمن لحوالي عشرين سنة و انفجرت للتّوّ كما تفعل البراكين, فوُلدت هذه القصيدة.
تمهّلْ..
قلت للصوت.. تمهّلْ..
اقتحمني.. رويدًا رويدَا..
لكيلا تفزع كلمتي النائمةْ...
و لا تأتي... هكذَا..
مضمَّخًا بالشعر و الحزن و الحشرجةْ
تمهّلْ..
تكاد تغمرني عطور السنين الماضيةْ..
و ترحل بي...
للتّوّ.. من وجع إلى أغنيةْ..
يٌردّد الصوت حشرجةً ويمضي
مثقلا بالشعر كعادته..
و ذائبا.. ذائبا في الغناء
تمهّلْ و عُدْ للغناء..
عُدْ..
لكيْ نُغنّي معا في الشارع الطويل.. الطويل
أغنيةً:
لصباح قهوتنا..
لوشم امرأة بحجم الوطنْ...
و للذاكرةْ...
هل تذكر يا صاحبي.. زمنًا بلا ملحمةْ ؟
هل تذكر شايًا على أغنيةْ ؟..
و ترنيمةَ طير تمرّ على عرس الكلام الذي لا يُقالْ..
هل تذكر تفاصيل عينين مثيرتين ؟
لمحهما القلب .. و خفقت لهما القصيدةْ
هل تذكر كيف تستحيل اللُّغة مأدبةً
لمواويل قصائدنا الحزينة؟..
فترتوي من ظمئ المعاني
و تُشبع روحًا.. قد هجرها كلأُ و فتكت بها أقفالُ الزمان
العنيدةْ...
سوف نذكر.. يا صاحبي
وشميْ أمي و أمك.. مرسومَيْن على غيْمة عابرةْ
سوف نذكرُ.. و نذكرُ.. و نذكرُ..
عسانا نُصَيّرُ الروحَ موشّحًا
يُهَدْهدُ قافلتنا المتعبةْ
عسانا نُعيد المُعاد إلى أصدقائنَا..
إلى امْرَأَة.. عليها تَضيقُ القصيدةْ
**************************
لقد انْكَسَرَ أحبَابُنا الشعراءُ.. يا صاحبي
هل استمعت إلى أنين حنينهمْ؟
انْكَسَرَ أحبَابُنا الشعراءُ.. عند منعطف الزمنْ
عند أوّل أغنية..
لم يَطْرَبُوا لقصيدهم.. فتفرّقوا
تفرّقوا زمرا..
على وقع خُطى الجند..
على وقع نشيد حزين.. حزين...
تفرّقوا زمرا.. و رمَوْا بأسلحتهم.. جميعها..
خارج أسوار المعاني القديمةْ...
و تفرّقوا....
لم يتركوا إلاّ نشيجًا خفيفًا
حتى الوصيّةَ.. لم يكتُبُوا
و تفرقوا...
*********************
ماذا قد يبقى لنا .. يا صاحبي؟
حتى مراكب الكلمات.. تكسّرتْ على صخرة المعنى..
لم تُبْق للقصيدة ما يمكن حكايتهُ لنا
فتداخلت ألوانها :
وردةٌ مهزومةٌ.. منكسرةْ
كلامٌ ينهش كلامًا..
و يد الحقيقة خَفقَة مرهقةْ..
تئنُّ من وجع..
و تضيق بكل المعاني.. رفيقاتها...
ثمّ.. تختفي أحيانا كثيرةْ..
سوى كلمات أخيرةْ..
تشهد وحدها..
على ماض يأكل حاضرهْ
و مستقبل.. سوف يُزهرُ قبل موعده :
حنينا .. و شعرا .. و ذكرى
المنستير,
مارس 5202
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق