مقتطف من رواية”هكذا..صرخ المجنون” فصل باريس للكاتب العربي السوداني ايهاب عدلان
______________________________________
باريسٌ تنهضُ على أصابعِ صباحٍ أيلولى جميل، تغالبُ نُعاسها بروعة أنثى. رزازُ المطرِ القطنى يُقبلُ تراتَ المارةِ، ويبثُ الشوارعَ همسَ السحابِ العابر. وعلى مقهى يطلُ على شارعِ الشانزليزيه، وخلف واجهةٍ زجاجية مغسولةٌ بنقاطِ المطر الخفيف، كان الرجل المجنون هناك!.
يرتشفُ قهوتهُ التركية، وينظر من أعلى عبر الواجهة الزجاجية لعاشقين فى ساحة الكونكورد، وقرب تمثال بيكاسو بالتحديد يلتقطان الصور ويحضنان أكف بعضهما، ويضحكان ملء الحب.
يبتسمُ مع نفسةِ مع أخر غصةٍ. يجلسُ قليلاً ثم يُخرجُ من جيب سترتهِ دفتراً صغير وقلم، يخطُ شيئاً ما، ثم يضعها و بعض النقود على الطاولة قرب فنجانهِ.
ينادى النادلة .. يبتسم لها ويخرج.
تأخذ النادلة النقود والفنجان، وتفتح الورقة التى طواها المجنون طويةً واحده من نصفها. تقرأها على عجل، وتنظرُ من خلف الواجهة فاتحةً فاهها بتعجب.
تأتيها زميلتها وتسألها عن سبب وقوفها هنا. تُرجِع النادلة شعرها الأشقر الى الخلف وتمد لها الورقة. فتحتها فكان المكتوب عليها بخطٍ مستعجل:
ـ هل ترين هذين العاشقين الذان هناك قرب تمثال بيكاسو وهم يضحكان؟.
هما ليسا اكثر جمالاً ـ بأى حال ـ من رقصِ ذكرِ البجعِ وهو يُداعبُ انثاهُ على صفحةِ خدِ الموجِ فى لجينِ مساءٍ ناعس!.
سألتها زميلتها وهى مُمسكةً بالورقةِ بكلتا يديها بتعجب:
ـ من يكون هذا الغريب، وماذا يقصد؟.
رفعت النادلة كتفيها استنكاراً ثم قالت لها:
ـ لا أعرفةُ، ولكن مُقاربتهُ مذهلةٌ فعلاً، فاللطبيعةِ سِحرِها.
كذا أجابتها ، قبل ان تنظر من أعلى النافذة ثانيةً وتبتسم مع نفسها وتمضى.
أخذ الرجل المجنون يتجول على شارع الشانزلزية، مستمتعاً بجمال الطقس ومشهد اشجار الكستناء المصفوفة بجوانبه كالجنود الألمان عندما مر به الزعيم النازي ادولف هتلر حين احتل باريس عام 1940م.
كانت جادة الشانزيليزيه مُزدحمة كالعادة ، فهى تتمتع بتلك السمعة العالمية السياحية العالية ،والتجارية والتاريخية العظيمة، وبها أشهر آثار فرنسا التاريخية التى ظلت كما هى دون تغيير.
تذكر الرجل المجنون المثل الفرنسي الذى يقول: “كلما تغيرت الأشياء ظل أهل باريس على حالهم!”
إبتسم مع نفسهِ وهو يرى من بعيد قوس النصر الذى يبدأ به الشارع.
واصل الرجل المجنون تجوله ، وعند وصوله أمام مسرح “قصر الشانزليزية” المشهور بعُشاق المُوسيقى ، كان هناك فرقة عازفين الشوارع مُحاطة برهط ٍمن السائحين يستمعون بمتعةِ خاصة!. وقف الرجل المجنون مستمتعاً لأصوات الأوتار، ومشاهدة مهارة العازفين.و بعد نهاية المعزوفة صفق مع الحضورة تحيةً واحتراماً، ثم دخل الى الحلقة و وقف فى نصف الدائرة ، وقال للحضور:
ـ إن المقطوعة الموسيقية يا سادتى هى قصيدة شعر ـ فقط ـ مختلفةُ اللغة. وللأناملِ فيها سحرُ الالقاء، حنجرة السايكسفون ترتلُ نشيد البحر، عندما تستأذن القيثارةُ طيور الكنار لكى تغنى!.
سأل سائح يحمل كاميرا حديثة فى يده:
ـ وماذا عن الكمنجات ؟..
نظر إليهِ المجنون وقال له:
ـ الكمنجاتُ هنّ إناث الإقاع. يرقُصنّ إذما همس الجيتارُ اليهنّ ” تعالن الىّ ” .. أما الإيقاعُ فهو مُتنفَس الزمن ، ضابط الحركة بوحاً ليُولد هذا الأنسجام.
سأله احد العازفين:
ـ وماذا تقول عن ألاوركسترا إذاً؟.
نظر اليه المجنون ، ثم قال له:
ـ ألاوركسترا لا تعدو ان تكون ـ سوى ـ أنها الحوار الناعم بين جميع هذه الآلات فى طقسِ نشوتِها. ثم عليكم ان تعرفوا يا سادتى ان موسيقى يانى؛ ليست اروع بأى حال من نقيق الضفادع فى مستنقعات الأمازون البعيدة إلآ بمقدار ما يتحملهُ النغم من تأويل!.
هو الصوت يا سادة فى تعرُجاتهِ بإختلاف المخرج.
قالت سائحة أسيوية تضع نظارةً طبية:
ـ وكيف يكون ذلك التاويل أيها الغريب ؟..
أجابها المجنون بعد شئ من الصمت:
ـ بمعرفة الفرق النادر بين الحقيقة والمُتخيل، الحوجة كما يشرطُها الإنطباع تُشكلُ الحِدس. لأن معرفة ان القمرَ لا يعدو سوى ان يكون حجارةً صماء ، هذا لا ينسف جمالهُ مُحلقاُ فوق جنادل فلينسيا.
اما الانطباع فهو بمقاربة وعى ان ضابط الجيش قد لا تُعنية صفارة الناى الخجولة، ولكن تهزهُ جداً يقاعات المارشال العسكرى.
بقدر هذا يكون الاستلاف من الذكرة يا أنسة، لإصباغ معنى مُغاير بإستراج سنام الأدب لتصبح كل الفراشاتُ بجمالها هى احرف موسيقى ـ فقط ـ حولها اللهُ تعالى الى كائن حى!.
قال الرجل المجنون ذلك ثم خرج من نصف الدائرة وسط دهشة الجميع، وبعد عدة خطوات من مكان الدائرة . سمع صوت تصفيق خلفة !. اتلفت فوجد الجميع يقابله مصفقين ومبتسمين. شاطرهم الابتسام ورفع يده محيياً ثم واصل طريقة الى محطة الباص.
يرتشفُ قهوتهُ التركية، وينظر من أعلى عبر الواجهة الزجاجية لعاشقين فى ساحة الكونكورد، وقرب تمثال بيكاسو بالتحديد يلتقطان الصور ويحضنان أكف بعضهما، ويضحكان ملء الحب.
يبتسمُ مع نفسةِ مع أخر غصةٍ. يجلسُ قليلاً ثم يُخرجُ من جيب سترتهِ دفتراً صغير وقلم، يخطُ شيئاً ما، ثم يضعها و بعض النقود على الطاولة قرب فنجانهِ.
ينادى النادلة .. يبتسم لها ويخرج.
تأخذ النادلة النقود والفنجان، وتفتح الورقة التى طواها المجنون طويةً واحده من نصفها. تقرأها على عجل، وتنظرُ من خلف الواجهة فاتحةً فاهها بتعجب.
تأتيها زميلتها وتسألها عن سبب وقوفها هنا. تُرجِع النادلة شعرها الأشقر الى الخلف وتمد لها الورقة. فتحتها فكان المكتوب عليها بخطٍ مستعجل:
ـ هل ترين هذين العاشقين الذان هناك قرب تمثال بيكاسو وهم يضحكان؟.
هما ليسا اكثر جمالاً ـ بأى حال ـ من رقصِ ذكرِ البجعِ وهو يُداعبُ انثاهُ على صفحةِ خدِ الموجِ فى لجينِ مساءٍ ناعس!.
سألتها زميلتها وهى مُمسكةً بالورقةِ بكلتا يديها بتعجب:
ـ من يكون هذا الغريب، وماذا يقصد؟.
رفعت النادلة كتفيها استنكاراً ثم قالت لها:
ـ لا أعرفةُ، ولكن مُقاربتهُ مذهلةٌ فعلاً، فاللطبيعةِ سِحرِها.
كذا أجابتها ، قبل ان تنظر من أعلى النافذة ثانيةً وتبتسم مع نفسها وتمضى.
أخذ الرجل المجنون يتجول على شارع الشانزلزية، مستمتعاً بجمال الطقس ومشهد اشجار الكستناء المصفوفة بجوانبه كالجنود الألمان عندما مر به الزعيم النازي ادولف هتلر حين احتل باريس عام 1940م.
كانت جادة الشانزيليزيه مُزدحمة كالعادة ، فهى تتمتع بتلك السمعة العالمية السياحية العالية ،والتجارية والتاريخية العظيمة، وبها أشهر آثار فرنسا التاريخية التى ظلت كما هى دون تغيير.
تذكر الرجل المجنون المثل الفرنسي الذى يقول: “كلما تغيرت الأشياء ظل أهل باريس على حالهم!”
إبتسم مع نفسهِ وهو يرى من بعيد قوس النصر الذى يبدأ به الشارع.
واصل الرجل المجنون تجوله ، وعند وصوله أمام مسرح “قصر الشانزليزية” المشهور بعُشاق المُوسيقى ، كان هناك فرقة عازفين الشوارع مُحاطة برهط ٍمن السائحين يستمعون بمتعةِ خاصة!. وقف الرجل المجنون مستمتعاً لأصوات الأوتار، ومشاهدة مهارة العازفين.و بعد نهاية المعزوفة صفق مع الحضورة تحيةً واحتراماً، ثم دخل الى الحلقة و وقف فى نصف الدائرة ، وقال للحضور:
ـ إن المقطوعة الموسيقية يا سادتى هى قصيدة شعر ـ فقط ـ مختلفةُ اللغة. وللأناملِ فيها سحرُ الالقاء، حنجرة السايكسفون ترتلُ نشيد البحر، عندما تستأذن القيثارةُ طيور الكنار لكى تغنى!.
سأل سائح يحمل كاميرا حديثة فى يده:
ـ وماذا عن الكمنجات ؟..
نظر إليهِ المجنون وقال له:
ـ الكمنجاتُ هنّ إناث الإقاع. يرقُصنّ إذما همس الجيتارُ اليهنّ ” تعالن الىّ ” .. أما الإيقاعُ فهو مُتنفَس الزمن ، ضابط الحركة بوحاً ليُولد هذا الأنسجام.
سأله احد العازفين:
ـ وماذا تقول عن ألاوركسترا إذاً؟.
نظر اليه المجنون ، ثم قال له:
ـ ألاوركسترا لا تعدو ان تكون ـ سوى ـ أنها الحوار الناعم بين جميع هذه الآلات فى طقسِ نشوتِها. ثم عليكم ان تعرفوا يا سادتى ان موسيقى يانى؛ ليست اروع بأى حال من نقيق الضفادع فى مستنقعات الأمازون البعيدة إلآ بمقدار ما يتحملهُ النغم من تأويل!.
هو الصوت يا سادة فى تعرُجاتهِ بإختلاف المخرج.
قالت سائحة أسيوية تضع نظارةً طبية:
ـ وكيف يكون ذلك التاويل أيها الغريب ؟..
أجابها المجنون بعد شئ من الصمت:
ـ بمعرفة الفرق النادر بين الحقيقة والمُتخيل، الحوجة كما يشرطُها الإنطباع تُشكلُ الحِدس. لأن معرفة ان القمرَ لا يعدو سوى ان يكون حجارةً صماء ، هذا لا ينسف جمالهُ مُحلقاُ فوق جنادل فلينسيا.
اما الانطباع فهو بمقاربة وعى ان ضابط الجيش قد لا تُعنية صفارة الناى الخجولة، ولكن تهزهُ جداً يقاعات المارشال العسكرى.
بقدر هذا يكون الاستلاف من الذكرة يا أنسة، لإصباغ معنى مُغاير بإستراج سنام الأدب لتصبح كل الفراشاتُ بجمالها هى احرف موسيقى ـ فقط ـ حولها اللهُ تعالى الى كائن حى!.
قال الرجل المجنون ذلك ثم خرج من نصف الدائرة وسط دهشة الجميع، وبعد عدة خطوات من مكان الدائرة . سمع صوت تصفيق خلفة !. اتلفت فوجد الجميع يقابله مصفقين ومبتسمين. شاطرهم الابتسام ورفع يده محيياً ثم واصل طريقة الى محطة الباص.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق