الحرب الخفية
عنوان كتاب كتبته الأستاذة جوي غوردن، استاذة الأخلاق الاجتماعية في قسم الفلسفة وكلية القانون في جامعة لويولا- شيكاغو
في الولايات المتحدة الأمريكية. والعنوان الفرعي تحته، امريكا والعقوبات على
العراق، ونشره مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، آب/ اغسطس 2018 وترجمه عبد الرحمن اياس، وتضمنت
محتوياته ما يكشف خطط تدمير العراق، من خلال العقوبات التي فرضتها الولايات
المتحدة الأمريكية والمتخادمون معها، غربيا وعربيا، وما تولد منها وعنها من
تداعيات واثار كارثية.
صدر الكتاب
باثني عشر فصلا، وبثلاثمائة وواحد وخمسين صفحة من القطع الكبير وبحروف صغيرة. وكتب
الناشر على غلافه الاخير: "هذا الكتاب، كانت العقوبات الاقتصادية المفروضة
على العراق منذ عام1990 الى عام 2003 هي الاكثر شمولا وتدميرا من اي
عقوبات أخرى، وضعت باسم الحوكمة الدولية، فقد أدت تلك العقوبات، التي ترافقت مع
حملة عسكرية ضد العراق عام 1991 انتهت
بغزوه عام 2003 الى
انهيار البنية التحتية للعراق ومختلف المقومات الأساسية اللازمة لاستدامة الحياة
فيه. يبحث هذا الكتاب في إدانة واضحة للسياسة الأمريكية في الدور الرئيسي الذي أدته
الولايات المتحدة في صوغ تلك العقوبات على العراق، التي أسفرت عن وضع قيود صارمة
على الواردات العراقية حتى لابسط السلع الحيوية، من أنابيب المياه إلى منظفات
الغسيل الى لقاحات الاطفال، بذريعة" الاستخدام المزدوج" لهذه السلعة
وامكان إفادة العراق منها لتصنيع " أسلحة الدمار الشامل".
شرح
الكتاب بالتفاصيل، استنادا إلى الآلاف من وثائق الأمم المتحدة الداخلية ومحاضر
الاجتماعات المغلقة فيها (التي اتاحت المؤلفة النفاذ إليها عبر الرابطwww.invisiblewar.net فضلا عن مقابلات
مع دبلوماسيين أمريكيين وأجانب، كيف أن الولايات المتحدة لم تكتف بمنع وصول السلع الإنسانية
الحيوية الى العراق فحسب، بل قوضت من جانب واحد اي محاولات للإصلاح، عبر تجاوز
مفتشي الأسلحة التابعين للأمم المتحدة، والتلاعب بالأصوات في مجلس الأمن، بهدف
الاستمرار في العدوان على العراق الذي انتهى بتدمير كل مقوماته المؤسسية
والاقتصادية والاجتماعية، العسكرية والمدنية على السواء".
قراءة
عناوين الفصول توضح منهج الكتاب ومحتواه، وتلخص في النهاية ما أشير له من سياسة
تدمير العراق. إذ جاء الفصل الاول بعنوان: سياسة الاحتواء، والفصل الثاني بعنوان؛ آليات
عمل العقوبات، وشمل: اول؛ا هيكل نظام العقوبات، وثانيا؛ الوضع الانساني، والفصل
الثالث؛ اثر الولايات المتحدة؛ ووزع على : اولا: الفرض الأولي للعقوبات، ثانيا:
" النقض العكسي" ، ثالثا: لجنة661 ، رابعا:
قاعدة التوافق، خامسا: الواردات الغذائية و" الظروف الإنسانية"، سادسا: الإغاثة
مقابل إعادة الإعمار، وسابعا: الشفافية. والفصل الرابع: مشكلة الحجوز، والفصل
الخامس: حجم الكارثة، وضم ثمانية أجزاء: اولا: القصف والعقوبات في عام1991 ثانيا: إنهيار
الناتج المحلي الإجمالي والاقتصاد، ثالثا: حدود الدخل النفطي، رابعا: اسقف على
مبيعات النفط، خامسا: الاستقطاع لصندوق تعويضات الكويت، سادسا: "الحالة
المؤسفة" لصناعة النفط، سابعا: المكون النقدي، ثامنا: تسعير النفط باثر رجعي.
الفصل السادس ؛ التوترات في الأمم المتحدة، واحتوى على خمسة أجزاء. اولا؛ معارضة
داخل مجلس الامن، ثانيا؛ التزامات داخل الأمم المتحدة، وكالات الأمم المتحدة الإنسانية،
ثالثا؛ النزاعات داخل الأمم المتحدة، الأمين العام والجمعية العامة. رابعا؛
محاولات الإصلاح، خامسا؛ الحماية التجارية. الفصل السابع؛ دور الحكومة العراقية. وضم
خمسة أجزاء ايضا. اولا؛ تدابير الحكومة العراقية للتخفيف من آثار العقوبات. ثانيا؛
إعادة الإعمار بعد حرب الخليج. ثالثاً؛ البنية التحتية والخدمات العامة خلال
برنامج النفط مقابل الغذاء، رابعا؛ فشل الحكومة العراقية، خامساً؛ عوامل قوضت قدرة
الحكومة العراقية على الاستجابة. والفصل الثامن، الكونغرس والعقوبات. احتوى على
ستة أجزاء: اولا؛ اهتمام الكونغرس بالوضع الإنساني 1996-1991 ثانيا؛
الكونغرس وبرنامج النفط مقابل الغذاء. ثالثاً؛ اواخر التسعينات. رابعاً؛ محاولات إصلاح
العقوبات في الكونغرس، خامساً؛ حرب العراق في عام 2003 سادسا؛ تآكل
الدعم. والفصل التاسع: فصيحة النفط مقابل
الغذاء. واحتوى على ستة أجزاء: أولا؛ التهريب، ثانياً؛ قوة الاعتراض المتعددة
الجنسيات، ثالثا؛ عقود الاستيراد، رابعا؛ التسعير المفرط للنفط، خامسا؛ اتهامات ضد
مسؤولي الأمم المتحدة، سادسا؛ الفساد بعد الحرب. والفصل العاشر: داخل السياسة الأمريكية.
وشمل ثلاثة أجزاء: أولا؛ عملية صنع القرار
في الولايات المتحدة، ثانيا؛ رد الولايات المتحدة على النقد، ثالثا؛ تآكل الدعم.
الفصل الحادي عشر: القانون الدولي والعقوبات. وضم أربعة أجزاء: اولا؛ القانون
الدولي لحقوق الإنسان والتنمية الاقتصادية، ثانيا؛ قوانين النزاع المسلح، ثالثاً؛
مشكلة الاختصاص، رابعا؛ الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية. واحتفى الفصل
الثاني عشر بعنوان: المسائل الأخلاقية والسياسية.
هذه
عناوين الفصول أو محتوى الكتاب الذي وثق خطط تدمير العراق للفترة من آب/ أغسطس 1990 بعد غزو العراق للكويت وفرض العقوبات
الاولى، حتى نهاية العقوبات بعد حرب الخليج الثانية في أيار/مايو 2003 وليس المقصود، كما أشارت
المؤلفة، من الكتاب تقديم وصف شامل لكل قرارات مجلس الأمن الدولي أو هيكل العقوبات
عموما.
أجابت المؤلفة
في مقدمتها على سؤال لماذا التركيز على الولايات المتحدة الأمريكية؟، بأنها هي من
لعب الدور الأساس في العقوبات ونتائجها، وهو ما فعلته في البحث والرصد والتسجيل، مؤكدة
أن الولايات المتحدة الأمريكية ووجهات نظرها ومازقها معروفة جيدا، ولكن تعقيد
النقاش الداخلي الذي جرى داخل مجلس الامن وبين مختلف فروع الأمم المتحدة وكيف جرى
التفاوض على التنازلات والوسائل الدبلوماسية لم يكن معروفا جيدا. ورغم أن كثيرا من المعلومات معلنة لكنها لم
توثق، براي الكاتبة، وان اغلبها ظل حبيس
المحاضر التي يقيد تداولها ويمنع توزيعها. وهذه محفزات البحث والتاليف وتأتي الأهمية
للكتاب منها.
حاولت الأستاذة
جوي غوردن في جهدها توثيق العقوبات ونتائجها وأدوار الأطراف التي عملت عليها، في
الفترة المحددة لها، راصدة تداعياتها وعواقبها معتمدة على المعلومات المتاحة عاكسة
ما حصل في كل أنحاء البلاد. ليكون كتابها صفحة أخرى في سجل ألادلة الموثقة لمحاكمة
الجرائم التي انتهت بالغزو والاحتلال.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق