كفن الانبعاث - حمزة الشافعي - مدارات ثقافية

احدث المواضيع

الأربعاء، 19 فبراير 2020

كفن الانبعاث - حمزة الشافعي


شتاء طويل، أعدت؟ آه قد اختبأ وطني،
غطى ثلج،  منذ الفجر، أطلسي
بهمس أبيض لا ينتهي،
بكى طفل: " برد وفناء، يا ويلي"
نطق الثلج بياضا: "تلك ليست رسالتي؛
أحببت الأطلس، فله صوتي ولوني،
وليلبس كفن انبعاث، يخلد حلولي،
لما الخوف إذن، يا طفلي؟
فالحياة أعذب ألحاني،
فكيف أخجل كبريائي؟"
وفي أعالي وطني
تروى حكاية تدمي...
طال الشتاء
وجال البرد.
غاب النداء
وساد الرعد.
رحل الطفل،
والموت بند.
همس الثلج في روح طفل الأطلس:
لا تخف، فلن ترحل لوحدك،
ولن يغيب ذكرك.
جئت لأرافقك،
واشهد على صفاءك،
وعلى أذى طويل لحق بك.
لا تخف،
غطائك اليوم، لحني الأبيض...
أنا ثلج أبيض،
كم مرة بكيت دما،
وروحي يعتصرها الألم
في لحظات هبوبي...
في كل شتاء،
قلبي يفيض دفئا،
أجوب به جبال الأطلس،
وأودية الجنوب المهدور،
ولا أجد مستشفيات أطفال،
أو دواء للنساء وللكبار؛
عدا بضع خيام منصوبة
لا يكشف فيها عن الداء،
لينضاف اليأس إلى الوجع،
وتتجلى قسمات الرحيل للأرواح،
ويدنو موعد الحداد على الأبرياء ...
يا طفل الأطلس،
أرقد بسلام ولا تبالي،
فقد أتيتك وفي يدي
كفن ولادة ثانية يا ابني،
ينسي  موتك في حياة
وهم في غفلة،
في حفلة،
في رحلة...
الآن صرت في حضني،
تحتضر...
تحتضر لتنبعث...
لتحيا،
يا طفل الأطلس!
***

تنغير- المغرب


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق