فصل من رواية صدرت عام 2015 تستقرأ ما
يجري اليوم
الفردوس المحرّم: تلاعب مبرمج بالعقول
والأبصار لتكتمل عبودية الإنسان
مرّت فترة طويلة على آخر رسالة من -
الحسيني - عبر بريدي الإلكتروني، وقد جرت أشياء كثيرة في تلك الأثناء، فقد أمعنت
جيوش الظلام الظاهرة منها والخفية في تدمير دول عربية كثيرة تمهيداً لأمر يخططون
له، وتكالبت الأمم على المنطقة في ترتيب جديد يسعى لتقسيمها إلى دويلات وطوائف،
وتفشّت أمراض العنصرية والإقليمية والطائفية والجهوية والمذهبية، وانتشر القتل
والنهب والتعصّب، وغاب التسامح، وتراجعت الأخلاق، وأصبح باطن الأرض خير من ظهرها،
وغدا ذبح الرجال والنساء والأطفال كما تذبح الكباش أمراً يومياً، ومشهدا مألوفاً،
ولا يدري القاتل لم قتل، ولا المقتول من قتله ولم، وجاء عصر الفتن، وانهارت القيم،
وغدا الناس عبيداً للدرهم والدينار، وغابت البركة من الأرض، وشاعت الفوضى..!
وقد جاءني الإيميل التالي من صديقي
المتخفي خلف البريد الإلكتروني يقول فيه:
حدثتك عن المستحوذين الظلاميين الذين كانوا
يعيشون بيننا منذ آلاف السنين سواءً في عالم الظاهر أو الباطن، على سطح الأرض أم
في طبقاتها السفلية وجوفها الواسع، من البشر أم من الكيانات غير البشرية، ولهؤلاء
مملكة يقال بأن مركزها في قاع - مثلث برمودا - تحت الماء حيث الأهرامات
الكريستالية الموجودة هناك، والقاعدة التي تعجّ بالأطباق الطائرة واختراعات علمية
تسبق علوم البشر الحالية ربما بمئات السنوات، وهذه المملكة الخفيّة الظلمانية
تُحكم من قبل أربعة أشخاص من البشر، وعليهم خامس من غير البشر وهو ما يسمّى - ملك
الأرض - لم يره أحد من هؤلاء الأربعة عياناً، ولا يظهر عليهم مباشرة، فهو يحكمهم
بصوته، ومن وراء حجاب، وهو التجلّي الجسدي لسيّد الظلمانيين، ولكنّه ليس
بشرياً، وهؤلاء نوابه على حكومة الأرض، يخطّطون لكلّ ما يساهم في جعل البشر
عبيداً لهم، وأسهل طريقة هي التحكم بتعيين رؤساء الدول الكبرى، ودعم الشخصيات المتنفّذة
في الاقتصاد والصحّة وحتى الفن والرياضة والإعلام والسياسة، وإنشاء الهياكل
الدولية المتحكمة بالتعليم والأمن والغذاء والتجارة، والتهيئة لإقامة النظام
العالمي الجديد، حيث يتسيّدون على الأرض تماماً بعد تدمير كلّ مقاومة، واثباط كلّ
عزيمة!
هؤلاء يا صديقي لا أخلاق تحكمهم، ولا
مشاعر بشرية تؤثر فيهم، ماضون لتنفيذ خططهم الجهنّمية في إشعال الحروب وفي الوقت
نفسه يتدخلون من أجل إقامة السلام ظاهرياً، وهم من يقف وراء نشر فيروسات الأمراض
التي لم يعرفها البشر من قبل والتي ينتجونها في مختبراتهم السرية، ثم يقومون أيضا
بتوزيع اللقاحات والأدوية على الناس من جهة أخرى حتى تكون السيطرة بأيديهم في كلّ
شيء، وهم من يبيعون السلاح لكلّ الأطراف حتى تدمّر الشعوب نفسها بنفسها، وهم من
يسعى لمراقبة الناس في كلّ تفاصيلهم، ونشر الإباحية، وإغراق البشر في حمأة الجنس
حيث الجسد يبدو نهاية المطاف لكلّ اللذات، ولا لذّة غيره، بل إنّ خططهم الكارثية
تسعى لزرع - رقاقة إلكترونية عصبية - في أجساد البشر فيها كلّ المعلومات عنهم، وهي
في الوقت نفسه يمكن أن تحدّد عبر تقنية الأقمار الصناعية مكان أيّ شخص في العالم،
لا بل يسعون ربما إلى التأثير على من يشاؤون في مشاعرهم، فينشرون الإحباط والكآبة،
وأحيانا العنف حتى يغدو البشر قطيعاً من الأجساد يحركونها مثل أيّ لعبة كمبيوتر
وقتما يشاؤون!
لا تنس أن بعض الرقاقات اليوم أصبحت أصغر
من حبة القمح، وقد توضع في المشروبات الغازية التي أدمن عليها البشر، أو في
الأطعمة السريعة الكارثية التي لا قيمة غذائية لها ولا فائدة غير تدمير الناس أو
حتى فيما يبدو مفيداَ لهم ولا غنى عنه مثل الحليب..!
أمّا خططهم السريّة الكبرى فهي العمل على
تخفيض عدد سكان الأرض إلى مليار نسمة فقط لتحلو لهم الحياة كيفما يشاؤون، حيث
تتكفّل بهم الفياضانات الكبرى، والهزّات الأرضية، والعواصف المدمّرة، وهذه كلها
أصبحت تقنياتها بين أيديهم اليوم أيضاً، فقط وصلوا إلى تطور علمي مذهل في التحكم
بالطبيعة، والظروف الجوية، ألم تلاحظ تغيرات الطقس الحادة: ثلوج في الصحراء، وحرّ
قاتل في بلاد ثلجية ، وتسونامي في بحار هادئة، وعواصف رملية في بلاد لم تعرف مثلها
من قبل، وغرائب لا تنتهي!
ثمة مشاريع سريّة وضخمة مثل - برنامج
الشفق النشط عالي التردد، هارب - الذي يتحكم بالمناخ، وظاهره علمي وباطنه سلاح
فتاك، ومشروع - الشعاع الأزرق - الذي يعتمد على إنتاج الصور المفرغة وبثها بالهواء
أو ما يسمى "الهولوغرام" بحيث يمكن تشكيل شخصيات افتراضية يراها
الناس على صفحة السماء فيظنّونها من الملائكة أو الأنبياء.
إنّه تلاعب مبرمج بالعقول والأبصار لتكتمل
عبودية الإنسان!
وهم يسعون إلى تحدي الخالق بعلومهم
القاصرة، ولكنّ نهايتهم ستكون كارثية!
ماذا أقول لك أيضاً، وعن أيّ شيء أخبرك،
فالمؤامرة كبيرة، والناس نيام!
ألا تشاهد الأفلام التي تنتجها هوليود
مدينتهم الأثيرة عن دمار العالم، وخروج الكائنات البشعة للسيطرة على البشر،
والحيوانات التي تتكلم، والروبوتات المؤنسنة، والمتحولين، وهاري بوتر،
والهوبيت، وسبايدر مان، وآلاف النماذج!
قلت لك إنّ هؤلاء الشياطين لا عواطف لديهم
فلا يذهبن بك الظن أنّي اتحدث هنا عن دول مثل أميركا، كلا فهؤلاء لا فرق بالنسبة
إليهم بين أميركا أو الصومال، فحربهم مع البشر في كلّ مكان، رغم أنّهم يوظّفون هذه
الدولة الكبرى لأغراضهم بشكل يبدو جلياً لكن كلّ البشر ضحايا محتملين لهم، بل إنّ
من مخططاتهم تدمير أميركا نفسها وشطرها إلى نصفين!
إنّها الحرب يا صديقي إذن، والبشر فيها
عبيد في قفص كبير، وآن الأوان أن يستيقظوا رغم كلّ تدابير هؤلاء الخارقة، فثمة
دائماً أمل بغد أجمل، وبحرية خارج هذا السجن!
سجن أكاذيبهم في الإعلام، ومراقبتهم لنا
في كلّ صغيرة وكبيرة، وكذبهم في العلوم والطب والسياسة والتاريخ والجغرافيا، وحتى
في الأطعمة والأشربة والأدوية التي يضعون فيها ما يجعلنا أسرى لهم دون أن ننتبه!
يوما ما يا صديقي – ويبدو أنّه بات قريبا
- سينقلب السحر على الساحر، ويتحرّر البشر، وسيعرفون الأسرار التي كانت مخفية عنهم
طوال قرون عديدة، ستكون لهم - الطاقة الحرّة - المستخرجة من الهواء والماء منبعاً
لا ينضب، ومجّانية بدون أي جهد، لا طاقة البترول الذي يستنزف قدرات أمّنا الأرض!
وستتفجر المعارف البشرية، وتعمّ قيم
الأخلاق، حتى يغدو العالم أكثر بهاء!
وعندها لا بد أنّ إخوتنا في تلك المدن
المخفية، العالية والبهية، سيحتضنوننا بكلّ الحب!
قد يكون هذا آخر ما يصلك مني، فقد قلت ما
ينبغي لي أن أقوله لك، وأخبرتك ما هو مسموح لي أن أخبرك، وأنت بعد ذلك تستطيع
مواصلة الطريق، وأعرف أنّك الآن بت تتشوّق لرؤية - شامبالا - بأيّ ثمن، وإلا ستمضي
ما تبقى من عمرك قلقاً تترقب، ووجلاً أن ترحل عن هذا العالم قبل الولوج إلى
أعماقها القصية، ورؤية كنوزها البهية!
فاعلم بأنّها في قلبك، إن ارتقيت به تنل
القرب منها، وهي جنّة الدنيا فيها ما لا يخطر على بال الحالمين، فكيف بمن يرى
ويقترب ويذوق، ويعيش فيها يوماً أو بعض يوم مثل دهر مما تعدون، وإنّي أودّ أن أبوح
لك بسر، لا أضيف عليه شيئاً مما عرفت، لقد كنت هناك يوماً، واكتحلت عيني برؤية تلك
المدينة العظيمة التي تشرق عليها شمس الكوكب الدرّي من الحجارة الكريمة التي لا
ينضب نورها أبداً، وتجري من تحتها الأنهار، وجرى الأمر كأنّني في منام..!
هناك حيث تعيش أمم كثيرة من البشر
المتقدمين روحياً وعلمياً، لقد رأيت أجدادنا العظام هناك، وأحفاد الأمم الناجية
التي تعيش آلاف السنوات، ولكن من يصدق الحكاية إذن، لهذا سأكتفي لك بما قلت.....
ولا أزيد!
- روائي وباحث
أردني، وقد صدرت الرواية عام 2015 عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في
بيروت وعمان.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق