في البداية ننطلق من التساؤل الآتي: كيف نجعل من الأعلام الجامعي
أعلاماً رقمياً يواكب التطورات الحالية في دعم التعليم الألكتروني على مستوى
الوزارة والجامعات العراقية؟
وهنا اولاُ لابدّ أن نحدد
ثلاثة مفاهيم وهي تدخل في تحديد الأشتغال في مجال تفعيل الإعلام الجامعي في دعم
العملية التعليمية في ضوء التعليم الألكتروني، ونبدأ اولاً:
- الأعلام الجامعي: ويعرف
بأنه الإعلام الذي يختص بتزويد الجمهور بمختلف الرسائل الثقافية، وتسويق النشاطات
الجامعية في وسائل الإعلام لإشاعة نمط غير محدد من الثقافة المنوعة التي تستدعي
نشر نتائج ومخرجات الأنشطة العلمية، ومحاولة خلق التفاعل المطلوب بين المجتمع
ومؤسساته " (1).
- التعليم الألكتروني:
"الذي يعني: التعليم باستخدام وسائل الاتصال الحديثة، من حاسوب، وشبكة
إنترنت، ووسائط، مثل: الصوت، والصورة، والفيديو، سواء كان ذلك في الفصل، أو
التعليم عن بعد، وذلك بأقلّ وقتٍ وجهدٍ، وأكبر فائدة، وفي الكثير من الأحيان يكون
التعليم الإلكترونيّ في بيئةٍ بعيدةٍ عن المعلم، ممّا أتاح فرصةً أكبر لعددٍ أكبر
لتلقي التعليم بكلّ يسرٍ وسهولةٍ"(2).
- التفاعلية: "تطلق
هذه السمة على الدرجة التي يكون فيها للمشاركين في عملية الاتصال تأثير في أدوار
الآخرين وباستطاعتهم تبادلها، ويطلق على ممارستهم الممارسة المتبادلة أو التفاعلية
وهي تفاعلية بمعنيين، إذ أن هناك سلسلة من الأفعال الاتصالية التي يستطيع
الفرد (أ) أن يأخذ فيها موقع الشخص (ب) ويقوم بأفعاله الاتصالية، فالمرسل
يستقبل ويرسل في الوقت نفسه وكذلك المستقبل. ويطلق على القائمين بالاتصال لفظ
مشاركين بدلا من مصدر و متلقي وبذلك دخلت مصطلحات جديدة في عملية الاتصال
مثل الممارسة الثنائية والتبادل، التحكم و المشاركين" .(3)
ومن هذه المفاهيم الثلاثة
نحاول أن نستقرأ العمل الإعلامي الجامعي على وفق منظور التجربة الشخصية من جهة
وكذلك ما نلاحظه في العمل الجامعي اليوم في ضوء التغيرات الحاصلة في "
الاعلام في الآونة الاخيرة بفضل التطورات التي حدثت في مجال الاتصالات ووسائل
التواصل الاجتماعي والتي احدثت ثورة كبيرة في طريقة تواصل الافراد فيما بينهم
وطريقة نقل الاخبار واحداث التأثيرات المطلوبة، لذلك تقع على عاتق الاعلام الرقمي
اليوم أهمية مضاعفة في كيفية التعامل مع الخبر وتحديثه وايصاله الى المتلقي بصورة
فاعلة"(4) .
وفي ضور ذلك نتسائل في هذا
الجانب أولا عن مدى أهمية فاعلية الإعلام الجامعي في دعم التعليم الإلكتروني
في الجامعات العراقية؟ وهل يمكن للإعلام الجامعي أن يكون داعماً حقيقياً للتعلم
الألكتروني في التجربة العراقية الحالية ؟.
وأهنا سأتكلم من خلال تجربتي
الخاصة في مجال الاعلام الجامعي من خلال عملي السابق كأول مدير إعلام وعلاقات عامة
في جامعة ميسان ولفترتين الأولى 2009 لغاية 2011 والثانية من 2014 لغاية 2015 قد
وفرت لنا الجامعة الوسائل المسموعة والمرئية والمكتوبة الآتي:
1- اذاعة المعارف FM التابعة لجامعة ميسان
والتي كانت تغطي مركز مدينة العمارة واقضية المحافظة ونواحيها بواقع 100 كيلو
دائري .
2- جريدة المعارف والتي
كانت تصدر شهرية وبواقع ثماني صفحات تتناول أخبار الجامعة ومقالات علمية وغيرها .
3- مكتب الفضائية الجامعية
والذي كان يضم كافة التجهيزات وقد تم تقديم برامج لجامعة ميسان في الفضائية
الجامعية والقنوات الأخرى، مع استوديو متخصص في الجامعة .
4- المشاركة في الموقع
الالكتروني للجامعة والذي أخذ على عاتقة التنوع في النشر الألكتروني المصاحب لكافة
الانشطة العلمية والعملية في الجامعة .
5- اصدار مطويات وفولدرات
للتعريف بجامعة ميسان كونها كانت جامعة فتية وقد ضمت هذه المطويات العديد من
المعلومات عن كافة مفاصل الجامعة .
6- نشر اعلانات ضوئية تبين
للمواطن في المحافظة والزائر لها كليات جامعة ميسان وأهم اقسامها العلمية
والإدارية.
7- اقامت مهرجانات تعريفية
بالجامعة وانشطتها على المستوى الفني والأدبي مثل مهرجان الحرية الشعري الأول
والثاني بمشاركة دولية، وكذلك مهرجانات تأسيس الجامعة وحفلات التخرج وغيرها .
8- كادر وظيفي متخصص يقارب
(25) موظف وأعلامي في مركز الجامعة وكليات بوحداتها الاعلامية وكادر تحرير متخصص
وكادر تصوير متخصص من مخرجين ومقدمين وغيرها .
هذه المساحة الاعلامية
التي كنا نتحرك من خلالها مدعومة بدعم مالي ومعنوي من قبل الوزارة والجامعة آنذاك.
أما الآن فإن إعلام
الجامعة قد تقلصت إمكانياته الى تسعين بالمئة مما هو موجود سابقاً، إذ تحول العمل
الإعلامي الجامعي فقط في بعض صفحات التواصل الأجتماعي وموقع الجامعة مع فقدان
العديد من الوسائل الاخرى كالإذاعة والصحيفة ومكتب الفضائية وغيرها من الوسائل
الداعمة الأخرى
ومن هذه النظرة البسيطة
نستطيع أن نحدد السلبيات التي حدّت العمل الإعلامي الجامعي في ظل التباين بين
الفترتين:
- فقد الدعم المالي والذي
لا توجد ميزانية خاصة بقسم الإعلام .
- فقد الدعم التقني كونه
لا يمتلك الأدوات والوسائل الإنتاجية على مستوى العمل الاعلامي .
- الاعلام الجامعي على
مستوى العمل الفضائي قد فقد مفصل مهم في تواصل البث الفضائي من خلال عدم مواكبة
الفضائية الجامعية لعملها المتخصص اسوة بالفضائيات التعليمية التي تقدم التعليم من
خلالها ومنها الفضائية التربوي التابعة لوزارة التربية، إذ اقتصر عمل الفضائية
الجامعية السابق على برامج عامة وليس تخصصية، وفي الفترة الآنية ليس لها ذكر على
مستوى العمل الاعلامي الفضائي التعليمي .
- اقتصر أعمال الأعلام
الجامعي فقط على صفحات في الفيس بوك والتليكرام وغيرها من الوسائل التواصل
الاجتماعي على نشر الأخبار فقط دون أشراكها في العمل التقني الحالي الخاص بأنظمة
الترويج للتعلم الإلكترونية وكيفية الأستفادة من الأعلام في هذا المجال .
إذن، فالمطلوب من الاعلام
الجامعي هو الانتقال الى الاعلام الجامعي الرقمي الذي " يشير إلى جملة من
تطبيقات الاتصال الرقمي وتطبيقات النشر الالكتروني على الأقراص بأنواعها المختلفة
والتلفزيون الرقمي والانترنيت وكذلك الكمبيوترات الشخصية والنقالة بالإضافة إلى
التطبيقات اللاسلكية للاتصالات والأجهزة المحمولة في هذا السياق"(5).
ومن هنا لابد أن يتحقق هدف
للأعلام الجامعي الرقمي، وذلك بالعمل على ما يأتي: "
- اعداد كوادر متخصصة في
مجال الاعلام وبالتحديد الاعلام الرقمي الذي يستخدم تقنيات التواصل الحديثة في
ايصال الخبر وخلق التفاعل الايجابي المطلوب ومن خلال الاتي :-
- اكساب الطلبة المهارات
الاساسية في مجال الاعلام وتقنيات الاعلام الرقمي.
- تطوير امكانات الافراد
من خلال التدريب العملي وتزويدهم بأحدث التقنيات في هذا المجال.
- تحقيق التكامل بين منظور
الاعلام التقليدي والاعلام الحديث وباستخدام وسائل التواصل الاجتماعي والوسائل
الرقمية.
- توجيه الجهود نحو ممارسة
وظيفة الاعلام بما يخدم مصلحة المجتمع والفرد وخلق فرص عمل فاعلة في ايصال صورة
ايجابية عن المجتمع"(6).
ومن خلال ما تقدم نستطيع
أن نوضح أهمية العمل الإعلامي الجامعي في مجال الدعم الرقمي للعملية التعليمية
الكترونياً، من خلال تحديد عدد من النقاط أو الملاحظات التي تسهم في تشخيص
السلبيات، وتقديم نقاط اخرى تسهم في تدعيم هذه الفاعلية في الإعلام الجامعي لدعم
التعليم الالكتروني، وهي الآتية : -
- ملاحظات تشخص
السلبيات التي تحد من عمل الإعلام في دعم التعليم الألكتروني وهي كالآتي :
1- تراجع مستوى الإعلام
الجامعي في مجال مواكبة ما وجد من أجله وهو متابعة نشاطات الكليات على المستويات
التعليمية والبحثية والنشاطات الطلابية الخاصة بالمجال التعليمي وذلك لقلة
الإمكانيات على المستوى الخاص بوسائله المرئية والمسموعة والمقروءة .
2- عدم تخصيص ميزانية
سنوية للإعلام الجامعي من أجل مواكبة العملية التعليمية الالكترونية.
3- عدم إعطاء مجال أوسع
للإعلام الجامعي كمحور فاعل في العملية التعليمية الالكترونية الآنية - (بسبب
الظرف الصحي المتمثل بجائحة كورونا) - من خلال المشاركة في تبني أفكار جديدة تربط
بين وسائل الأعلام والعملية التعليمية رقمياً.
4- قلة خبرة العاملين في
الإعلام الجامعي في مجال دعم عملية التعليم الالكتروني بسبب عدم اشراكهم في دورات
الكترونية وبرامج متخصصة في الدعم الاعلامي الإلكتروني للعملية التعليمية رقمياً.
5- عدم توفير قاعات دراسية
ذات طابع تقني يسهم الإعلام الجامعي بالإشراف عليها إعلاميا.
6- قلة المفاصل الخاصة
بالعمل الإعلامي الجامعي في دعم الجانب الإلكتروني للتعليم من خلال تحديد عمل
الإعلام فقط ببعض المنافذ الالكترونية في مواقع التواصل الاجتماعي.
- وصيات تسهم في
فاعلية عمل الإعلام الجامعي في دعم التعليم الالكتروني في الجامعة وهي كالآتي:
1- تخصيص ميزانية سنوية
للإعلام الجامعي من أجل مواكبة العملية التعليمية الالكترونية، تسهم في تفعيل
العمل الاعلامي في الجامعة .
2- إعطاء مجال أوسع من
خلال وضع الإعلام الجامعي كمحور فاعل في العملية التعليمية الالكترونية الآنية من
خلال المشاركة في تبني أفكار جديدة تربط بين وسائل الأعلام والعملية التعليمية
رقمياً، من أجل الترويج للنشاط التعليمي رقمياً.
3- إشراك العاملين في
الإعلام الجامعي في دورات الكترونية وعلى برامج متخصصة في الدعم الاعلامي
الإلكتروني للعملية التعليمية .
4- توفير قاعات دراسية ذات
طابع تقني يسهم الإعلام الجامعي بالإشراف عليها إعلاميا ويشرف عليها الكادر
التدريسي في الكليات علميا.
5- توسيع المفاصل الخاصة
بالعمل الإعلامي الجامعي في دعم الجانب الإلكتروني للتعليم من خلال فتح منافذ
رقمية على منصات بث فيديوي وكذلك صوتية من خلال اعادة العمل بإذاعة الجامعة
على البث الرقمي تسهم في دعم التعليم الالكتروني بالإضافة الى توسعت عمل الإعلام
في مجال المنافذ الالكترونية في مواقع التواصل الاجتماعي.
الهوامش
1- أ. عامر محمد الضبياني: الاعلام الجامعي، دراسة نظرية لتأصيل
المفهوم، مجلة جامعة ذمار: مجلة الحكمة للدراسات الإعلامية والاتصالية، العدد 4،
2018، ص 21 .
2- موقع موضوع :
مفهوم التعليم الالكتروني،
3- علي عبد الفتاح كنعان :
الصحافة الالكترونية، ص 46.
5- سوسن سكي، أ. سبتي
فايزة : تطبيقات الإعلام الجديد في مجال التعليم العالي- المدونات التعليمية
الإلكترونية إنموذجا،مركز جيل البحث العلمي http://jilrc.com/.
6- كلية الرافدين الجامعة
/ قسم الأعلام الرقمي، المصدر نفسه .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق