الإنقراض السادس، تاريخ لا طبيعي لإليزابيث كولبرِت - وسام محمد - مدارات ثقافية

احدث المواضيع

الأحد، 25 أكتوبر 2020

الإنقراض السادس، تاريخ لا طبيعي لإليزابيث كولبرِت - وسام محمد

في هذا الكتاب -الانقراض السادس: تاريخ غير طبيعي للصحافية الأمريكية إليزابيث كولبرِت-  تخلص المؤلفة إلى أننا نعيش في عصر تشهد في الأنواع الحية على سطح الأرض حالة من الانقراض الجماعي، تسميه الانقراض السادس إشارة إلى حالات الانقراض الجماعية الخمسة الثابتة بالحفريات والتي شهدتها الأرض في تاريخها، وعلى العكس مما سبقه من حالات انقراض، فإن الانقراض السادس يقف خلفه الأنشطة البشرية المختلفة؛ وكنت قد اتخذته موضوع للقراءة في حلقات الدراسة الحرة المتعلقة بالبيئة منذ نحو عامين لأهمية موضوعه وبساطة طرحه، فالكتاب غير موجه للمختصين، ولكنه في نفس الوقت ثري بالمعلومات والمعارف العلمية، ولعل تأثيره على وعي قارئه أكبر من تأثير أي مرجع علمي متخصص آخر.

الكتاب مكون من ثلاثة عشر فصلًا ومقدمة.

في مقدمة الكتاب، تصف المؤلفة ذلك النوع الجديد الذي ظهر على الأرض مؤخرًا، المعروف بالاسم العلمي هومو سباينس Homo Sapiens أي الإنسان العاقل، وكيف نجح خلال تاريخه في الهيمنة على كوكب الأرض بكامله، وأنه اليوم على مشارف أن يتحكم في مجمل بيئة الكوكب ويسيرها لصالحه، وفي الوقت ذاته يدفع غيره من الكائنات إلى الحافة الحرجة للانقراض، الانقراض الجماعي السادس، ثم تنتقل المؤلف إلى كيف كانت هذه الأفكار بمثابة الدافع لها لتأليف كتابها الذي نعرضه اليوم.

الفصل الأول، وعنوانه الانقراض السادس، وفيه تنتقل المؤلفة إلى بنما بحثًا عن أدلة على حدوث الانقراض الجماعي السادس، معتبرة أن التناقص الهائل في أعداد أفراد الضفادع الذهبية والتي تستوطن بنما، والتي بلغ عددها اليوم بعضة عشرات فقط، بمثابة دليل واضح عن انقراض الأنواع والراجع إلى إدخال أنواع جديدة، أنواع غازية، إلى بيئتها الأصلية.

الفصل الثاني، وعنوانه أضراس المستادون؛ في هذا الفصل تتبع المؤلفة كيف انقرض حيوان المستادون – حيوان منقرض يشبه الفيل عاش في أمريكا الشمالية والوسطى – مستكشفة مفهوم الانقراض الجماعي، متتبعه أعمال عالم الحيوان الفرنسي جورج جوفيه الذي صك المصطلح في القرن التاسع عشر، والذي ارجع فيه الانقراض الجماعي إلى الكوارث الطبيعية الكبرى، كما اعتبره يحدث لجميع الأنواع وعلى نحو مفاجئ.

الفصل الثالث، وعنوانه البطريق الأصلي؛ وفيه تنتقل المؤلفة إلى أيسلندا، محاولة أن تتحقق من نظرية الانقراض الجماعي التي صاغها جوفيه، من خلال تتبع القصة الحزينة لانقراض طائر أوك، وهو طائر شبيه بالبطريق، والذي انقرض بسبب زيادة أعداد مستوطني ايسلندا من الأوروبيين الذي اعتمدوا على الأوك في غذائهم بصورة أساسية مما أدى إلى تناقض أعداده على نحو كبير، وهو ما جعل محاولات حمايته اللاحقة غير مجدية. لقد وقع في هوة الانقراض السادس.

الفصل الرابع، وعنوانه مصير الأمونايت؛ وفيه تناقش المؤلفة حادثة الانقراض الأشهر والتي أدت إلى انقراض الديناصورات ما بين العصر الطباشيري والباليوجيني، والتي يعتقد أن سببها هو نيزك عملاق ضرب الأرض أوانها، والذي يُعتقد أيضًا أن عواقبه، من الأدخنة والأتربة التي حجبت الشمس عن الأرض، كانت تأثيرها المدمر على الحياة على سطح الأرض، أكبر من تأثير النيزك نفسه، وهو ما يؤكده مصير كائن الأمونايت، وهو حيوان رخوي بحري انقرض في نفس حادثة انقراض الديناصورات، ويري الكثير من العلماء أن سبب شيوع هذا الكائن على سطح الأرض، حيث كان بيضه خفيف وتنقله التيارات البحرية من مكان إلى آخر، هو نفسه سبب هلاكه إذ لم يحتمل الكائن ولا بيضه التغيرات العنيفة في البيئة، تلك التغيرات التي لحقت صدمة النيزك.

الفصل الخامس، وعنوانه مرحبًا بك في الأنثروبوثين، حيث كلمة الأنثروبوثين تعني عصر هيمنة الإنسان على الأرض، مدللة على رأيها هذا باستعراض كيف غير الإنسان في البيئات المائية مثل الأنهار والمحيطات بما لا يمكن إعادته لوضعه الأصلي طبيعيًا، وكذلك كيف يغير الإنسان في بيئات اليابسة من خلال استخدام الوقود الحفري وإزالة الغابات.

الفصل السادس، وعنوانه البحر حولنا، وفيه تستمر المؤلفة في تتبع التأثير المدمر للإنسان على البيئات المائية، خاصة المحيط، الذي أصبح يعاني من ارتفاع نسبة حامضية ماءه نتيجة ارتفاع نسبة ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، والذي بدوره ارتفع نتيجة الاستخدام الهائل للوقود الحفري.

الفصل السابع، وعنوانه إسقاط الحمض، ولا تزال (كولبرت) تحاول أن تفهم كيف يمكن لأفعال الإنسان أن تقود إلى الانقراض الجماعي للحياة البحرية، فتتبع كيف يمكن لارتفاع نسبة حامضية المحيط أن يؤدي إلى دمار الشعاب المرجانية، والتي تعتبر الموئل الأغنى للحياة البحرية، والحياة عامة على سطح الأرض.

الفصل الثامن، وعنوانه الغابة والأشجار، وتنتقل المؤلفة من تأثير ارتفاع نسبة ثاني أكسيد الكربون على الحياة البحرية، إلى كيف يتسبب ارتفاع هذه النسبة في الاحترار العالمي، والذي يمتد تأثيره من القطبين، وحيث تذوب مسطحات هائلة من الجليد في القطبين كل عام، وينتهي بها الحال في المحيط، إلى أن يبلغ هذا التأثير الغابة الاستوائية، والتي تعاني من القطع والتدمير بفعل الإنسان، ومنطلقة من حقيقة أن عدد الأنواع وافرادها يزيد بزيادة الموئل الذي تسكنه، تستنج (كولبرت) أننا على موعد من الانقراض الجماعي السادس بحلول عام 2050.

الفصل التاسع، وعنوانه جزر على الأرض الجافة، وفيه تناقش كيف أن هناك أنواع تتميز بالتخصص الدقيق الذي يعتمد على البيئة المضيفة، وعندما تتعرض هذه البيئة المضيفة لأدنى تغير، فإن هذه الأنواع، ونتيجة تخصصها الدقيق، تتعرض لآثار وخيمة، لأنها لا تستطيع أن تتكيف بالسرعة اللازمة مع هذه التغيرات البيئية، وهو ما تضرب له المؤلفة مثلًا عملية تجزئة الغابات مما يؤدي إلى انخفاض أعداد الأنواع وأفرادها التي تعيش فيها، نتيجة ما لحق بيئتها من تغيرات لا تستطيع مواكبتها، وهو ما ينطبق على كافة الموائل التي أصبحت اشبه بجزر على اليابسة.

الفصل العاشر، وعنوانه بناجيا الجديدة، حيث بانجيا اسم لقارة يفترض العلماء أنها وُجدت منذ نحو ثلاثمائة وخمسين مليون سنة وضمت كل اليابسة يومئذ، قبل أن تبدأ القارات في الانفصال عنها نتيجة للحركات الجيولوجية؛ وفيه تناقش كيف أن هناك عديد من الأنظمة البيئية التي عاشت في عزلة وفي حالة توازن، إلا أن نتيجة تطور تقنيات النقل أدى إلى دخول أنواع جديدة هذه البيئات، وهو ما الحق دمار كبير بهذه البيئات، ومن أمثلة ذلك انتقال الضفادع الكبيرة إلى استراليا في الربع الأول من القرن العشرين وما لحق ذلك من انقراض العديد من أنواع النباتات الأصلية في استراليا.

الفصل الحادي عشر، وعنوانه وحيد القرن يتلقى فحصًا بالأمواج فوق الصوتية، وفيه تبحث المؤلفة الأسباب وراء تناقص أعداد افراد وحيد القرن، والذي يُعتقد بين العامة ان سببه الرئيس هو صيد هذه الحيوانات، بينما تستخلص (كولبرت) أن سبب تناقص أعداد وحيد القرن هو النقص المستمر في مساحة موائله.

الفصل الثاني عشر، وعنوانه جينة الجنون، وهو فصل شيق إذ تبحث فيه المؤلفة أن يكون الإنسان العاقل السبب في انقراض انسان نياندرتال، والذي تصفه بأنه ربما كان أكثر ذكاء من الإنسان بسبب كبر كتلة دماغه مقارنة بكتلة دماغ الإنسان العاقل، وتحضره المبكر مقارنة بنا؛ وتصف الإنسان العاقل بأنه كان أكثر عدوانية مما أدى إلى إفناءه انسان نياندرتال الذي مسالمًا ويفتقر إلى حس المنافسة والتسيد؛ واليوم فإن هذه الميزات التي سمحت للإنسان أن يزيح منافسه النياندرتالي ويستولي على الأرض، نفسها ما تهدد بقية الأنواع الحية على الأرض.

الفصل الثالث عشر، وعنوانه الشيء المكسو بالريش، وقد خصصته المؤلفة إلى مناقشة آليات الحفاظ على الأنواع والموائل، والتي يمكن أن تمنع وقوع حادث الانقراض الجماعي السادس.

من أجل تأليف كتابها، طافت (كولبرت) بين العديد من الأماكن في أمريكا الجنوبية وأستراليا وأوروبا، كما التقت مع العديد من العلماء المختصين، وهذا ما جعل كتابها يتضمن ما اتفق على قبوله المجتمع العلمي، حتى لو كان صادمًا لغير المختص، ولكن أسلوب (كولبرت) وطريقة تناولها لهذه الأفكار جعلت الكتاب سهلًا يسيرًا على كل قارئ، وهو ما جعل اللجنة المانحة لجائزة (بالتيزر) للكتابة الصحافية تمنح جائزتها للكتاب عن عام 2015.

ترجم الكتاب إلى اللغة العربية ضمن سلسلة عالم المعرفة الصادرة عن المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب في دولة الكويت في ابريل 2019، وقام على ترجمته د. احمد عبد السماحي ود. فتح الله الشيخ وكلاهما أكاديميان مصريان معروفان مختصان بالكيمياء ومن أبناء جامعة سوهاج.

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق