يتضح جليًا في
القرن الحادي والعشرين أثر التجديد التكنولوجي على مختلف المؤسسات التعليمية
والصناعية والتكنولوجية، لتشمل جوانب مختلفة من التجديد التكنولوجي وأثرها
الإيجابي في تسهيل عملية التعلم وضوابط التعليم. منطلقين من مبدأ أن التعلم هو
خطوة أساسية لتكوين المناخ المناسب لإستدامة النجاح التعليمي. وتعتبر المؤسسات
مصدر حقيقي للتجديد والإبتكار، حيث يتطلب الأمر مفهوم التجديد عامة والتجديد
التكنولوجي خاصة. ومن آثاره التشجيع على نجاح التعلم والوقوف والإطلاع عليه
لآثارها المميزة في تحقيق التنمية والتطور بشكل عام. مع التعريج على المعوقات التي
تواجه المؤسسات في إقحام النانوتكنولوجي.
ولا بد من وضع خطة سياسات عامة للتجديد التكنولوجي كشروط عامة
للإرتقاء بالمؤسسات التعليمية. يعقبها الإلتزام بالإنفاق السخي لضمان التطور
والتنمية والتجديد كمحصلة نهائية. ما يؤهل لضمان مؤشرات إيجابية للتكنولوجيا.
وبالتوازي لا بد من الإلتزام بإنشاء مرصد للتكنولوجيا لمراقبة الآفاق التجديدية.
معتمدين خطة عمل موحدة وشاملة ومتطلعة لتحقيق السياسات التكنولوجية المنشودة. حيث
تتمثل هذه الخطة ببناء القدرات وإنتاج المعارف والتجديد التكنولوجي، ضمن عمل جماعي
قادر على تطوير واستخدام التكنولوجيا من أجل إحداث التحول الاستراتيجي العلمي
والتكنولوجي والاجتماعي والاقتصادي. وبالتالي الحاجة الملحة إلى إعلان عمل بطريق
التعاون الوثيق من أجل تنفيذ الخطة المرجوة. ونظراً لأهمية الخطة وعالميتها لا بد
من إسهامات مؤسسية كبرى مثل اليونسكو أو الوكالة الدولية للطاقة المتجددة أو
المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم أو منظمة العلام الإسلامي للتربية
والعلوم والثقافة للقيام بما يلي: وضع سياسة وطنية أو عربية للتكنولوجيا والتجديد
للعمل من أجل إصلاح المؤسسات العلمية والتعليمية، والقيام بصياغة السياسات الناجحة
ضمن المتطلبات المؤسسية، وتمكين اعتماد هذه السياسات لتنفيذ الاستراتيجيات
والبرامج. يتبعها الخطوات الضرورية لتعبئة الخبرات اللازمة للتجديد التكنولوجي
منها توفير التمويل الضروري، وكذلك المشاورات المستمرة لتحشيد الموارد الطبيعية والمالية
والبشرية لتحقيق وتنفيذ هذه السياسات.
وبناء عليه نتوقع التقديرات المؤسسية للسياسات والتدريب، وإعداد
دورات تدريبية خاصة وعامة للإرتقاء بالتكنولوجيا والتجديد، وتنظيم حلقات عمل
مستمرة للمراجعة والتوعية للمسؤولين، وإنشاء مكتبة إلكترونية للتكنولوجيا والتجديد،
ومراجعة الخطط والسياسات بإستمرار للحفاظ على الديمومة والاستدامة. وعليه سيكون
التنفيذ حتمي لتشجيع وتطويع واعتماد مؤشرات ومنهجيات متسقة للحصول على النتائج
المرجوة لتلك السياسات المرسومة في مجال التكنولوجيا، لبناء مؤسسات مقتدرة ومطورة
ومنتجة ونافعة للمجتمع والدول. ومن النتائج المنشودة هو تنظيم دورات تدريبية
للوقوف على سبل تطوير المؤهلين تكونولوجياً لتطبيق البرامج كاملاً بشكل ناجح،
والاستفادة من المنهجيات الملائمة لرسم السياسات في مجال تجديد التكنولوجيا. كل
ذلك سيساعد في تحليل ونشر مؤشرات التكنولوجيا المفيدة للتجديد وتطويرها واستخدامها
لتتم بذلك إتمام دراسة الجدوى المتعلقة بإنشاء وتنفيذ سياسات التجديد التكنولوجي.
وتتمثل هذه المشاريع بإقامة مُجمّع علمي سيكون نموذجاً لإنشاء
"المدن العلمية" وسيعبّر عنه بإرساء مجموعة من الممارسات السليمة
والمبادئ التوجيهية على نطاق واسع. وسيكون هذا المُجمّع العلمي الرائد مساهماً في
تنمية المشاريع التكنولوجية. هذه هي الأولويات الحقيقية بخصوص سياسات التكنولوجيا
والتجديد بتقييم وصياغة سياسات التكنولوجيا ووضع المؤشرات الهامة المرتبطة
بالتكنولوجيا.
وهنا يلعب التجديد التكنولوجي دوراً هاماً في عمليات نقل
التكنولوجيا من بلدان الشمال إلى بلدان الجنوب بتقديم الخبرات والمشورات مع شراكات
استراتيجية في إطار التجديد التكنولوجي. ومن أنشطة المشروع هو توفير البحوث
التطبيقية، ونقل التكنولوجيا، ونقل وابتكار التكنولوجيات، وإنشاء حاضنات
التكنولوجيا وتطوير نتائج البحث العلمي والاختراعات، وإقامة شراكة حقيقية بين
التعليم والتصنيع، وتنفيذ برامج البحث والتطوير ونقل التكنولوجيا. ومن المواضيع
الهامة هي الطاقات المتجددة، ومعالجة المياه الملوثة، واعادة استعمال مياه الصرف
الصحي، ونقل وتحويل التكنولوجيات المعاصرة.
لقد أصبح النانوتكنولوجي حلاً للعديد من الأزمات الاقتصادية،
لتقترن التكنولوجيا بمصطلح "النمو"، وضرورة تبني النانوتكنولوجي والتي
بواسطتها نستطيع تكسير المادة إلى أجزاء متناهية الحجم، فتتغير خصائصها، وتمنحنا
خصائص جديدة تُستخدم في تطور كل شيء من حولنا. فمثلاً نستطيع إيجاد مواد بناء أقل
كلفة وأكثر صلابة وكفاءة، وبكمية أقل. بل تجاوز استخدام النانوتكنولوجي إلى كافة
مجالات الحياة الصناعية والطبية وغيرهما من التطبيقات. لقد وجد النانوتكنولوجي
حلولاً جمّة من خلال جعل الملابس المصنوعة نانوتكنولوجياً لا تحتاج إلى التنظيف
نهائياً، وإمكانية إدخال جزيئات فضة نانوية على الأقمشة لتكون ضد البقع
والميكروبات والروائح الكريهة، والحفاظ على الأطعمة المعلبة دون مواد حافظة بترشيد
استعمال المبيدات فلا تغطي الثمار بالمبيدات بل بالنانوتكنولوجي تخزن المادة
الفعالة لتوصيل المبيد إلى الجزء الضار ولا تؤذي الإنسان إذا تناولها. كما يمكن
استخدام النانوتكنولوجي في التعديل الوراثي لبعض النباتات للحصول على محاصيل أكثر
إنتاجية.
ولا يغيب عن بالنا أهمية تبني البعثات العلمية لمعرفة كل ما هو
جديد بحثياً، وإنشاء كلية للدراسات العليا في النانوتكنولوجي، مع ضرورة وجود
المزيد من الدعم بأنواعه وعلى وجه الخصوص الدعم المالي، وتشجيع الاستثمار البحثي
والتكنولوجي للحفاظ على التطور والتنمية. لذا أصبح من الأهمية بمكان اعتبار
النانوتكنولوجي مشروعاً وطنياً أو عربياً استراتيجياً لقدرته على حل العديد من
الأزمات مثل أزمه المياه والكهرباء والسكن والبيئة.
وبالفعل أصبحت منتجات النانوتكنولوجي ذات طلب دائم وضروري إذ يتم
استيرادها من عدد من الدول الأجنبية، ما يحفزنا لوضع سياسيات مستقبلية لتصنيع
النانوتكنولوجي وفق متطلبات السوق. والمفارقة العجيبة أن المنتجات النانونية الخام
تستورد من دولنا العربية ونُعتبر أكبر مصدر لها مثل مادة السيليكا.
وننوه إلى العدد الضئيل أو المحدود جداً للشركات الوطنية أو
العربية المنتجة والمسوّقة في مجال النانوتكنولوجي، مع الإشارة إلى ضرورة تطبيق
أبحاث النانوتكنولوجي لخدمة الإنسان والمجتمع وهذا ما نحث عليه في كافة المؤسسات
التعليمية والصناعية والتكنولوجية. كما أن هناك أمثلة حية للمواد النانوية المطبقة
في المجال الطبي والتي ستغير شكل الطب تماماً، لمساعدتها في التوصيل الذكي للأدوية
داخل جسم الإنسان بالضبط للمكان المراد علاجه، فأي دواء في العالم هو عبارة عن
مادة عمياء، لا تميز بين النسيج السليم والنسيج المصاب فتذهب في طريقها إلى
الاثنين معاً لذا توجد أعراض جانبية لأنها تتوجه للخلايا السليمة مثلما تتوجه
للخلايا المريضة، وهنا تُحدِث المواد التي تساعد في التوصيل الذكي طفرة في علاج
السرطان مثلاً، فالدواء في مرض السرطان هدفه قتل الخلايا، ما يُحدث مشاكل جانبية
كبيرة مع الخلايا السليمة، وهذا ما تعمل عليه التجارب. كما أن زراعة الأعضاء
البشرية جارية على قدم وساق باستخدام النانوتكنولوجي، كما يحل النانوتكنولوجي
المشكلة الخطيرة أن ليس من السهل إيجاد متبرع بمواصفات معينة، فقد استطاع
النانوتكنولوجي تشكيل عضو من خلايا المريض نفسه بنفس الصفات والشكل، وعند زراعته
في الجسم يتقبله بسهولة لأنه مصنوع من خلاياه. كما لا ننسى المتحسسات أو الكشافات
النانوية القادرة على الكشف المبكر والفوري لكثير من الأمراض.
أما المعوقات فهو التأخر الشديد في النانوتكنولوجي، وعدم إدراكنا لأهميته الشديدة، بما فيها إنتاج المواد النانوية وتطبيقاتها، ويكمن الحل في حاجتنا للتثقيف المجتمعي، وتشجيع الفكر الصناعي والتكنولوجي، وتنويع التركيز بين الإنتاج البحثي وتطبيق وتصنيع تلك الأبحاث، كما نحتاج إلى نشر الوعي بضرورة وأهمية النانوتكنولوجي إعلامياً. ولا ننسى ضرورة الدعم المالي السخي لحل أهم المعوقات والتواصل المستمر مع كبرى المؤسسات التعليمة والصناعية والتكنولوجية في العالم العربي للحث على التطور والتنمية المستدامة.
عن مجلة فكر الثقافية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق