محطة الشمال « تلك باريس» - نـــجيب طــلال - مدارات ثقافية

احدث المواضيع

الخميس، 10 فبراير 2022

محطة الشمال « تلك باريس» - نـــجيب طــلال

أغلب المدن الأوروبية، تتوفر على محطات قطار تبهر إلى حد بعيد بجماليتها واتساعها وخدماتها وحركتيها الدؤوبة ؛ لكن ل(محطة الشمال / Gare du Nord ) التي تم بناؤها سنة 1864 نكهة خاصة ؛ نكهة تاريخية  تهدف لإبهار كل من يرتادها من أول نظرة، أما في حقيقة الأمر، تبهر كلما مررت منها ؛ تفرض عليك التأمل في واجهتها التي تبدو كلوحة تشكيلية، هذا إن كنت ذواقا أو فنانا مبدعا أو عاشقا للمعمار وزخرفه،  بالإضافة إلى تاريخها العريق الذي تنطق به جدرانه وتماثيله التسعة ( 09) المنتصبة بشموخ  في أعلى واجهة محطة، تبدو للمرء أنها زينة وتزيين ؛ لكن تلك التماثيل لم توضع ولم تطرح عبثا، بل ترمز إلى( 08) مدن أوروبية رئيسية، والتي يربطها القطار، من هذه المحطة. وأما التمثال ( التاسع) المتمركز وسطا؛ يرمز إلى مدينة باريس، لكن بكثرة الازدحام والحركية الدؤوبة ؛ لا تكتشف الوجه الخفي للمحطة ؛ لكن تلمس في ساحة بوابتها الكبيرة ؛ سماسرة يتربصون بك من أجل تقديم خدمات متنوعة ؛ كاقتناء سيارة الأجرة ؛ أو عملية الصرف وتبادل العملة ؛ أواقتناء شقة في فندق؛ إذ لا تفرق بين هذا فرنسي أم إفريقي أم روماني أوإيطاليا ؛ بألبسة مختلفة بين الأناقة والأسمال؛ لكن أغلبهم يتسكعون ويتسولون بين مدرجات المحطة وخارجها، رغم المراقبة الشديدة للشرطة الإقليمية والبلدية، ومظاهر الحياة المتفردة التي تضم العباد بعضهم ينتظر قطاره ؛ وبعضهم يترقب وصول أبنائه أو أحد أقاربة والبعض الآخر يرتكن للراحة واستغلال ''الويفي'' المسترسل مجانا، لكن حقيقة المحطة التي تكشف عن الوجه الآخر لباريس ؛ وعن واقعها البئيس ؛ جولات متكررة ليلا ؛ لترى وتعيش ما لم تعيشه نهارا ! آلاف السكارى المدمنين والمهووسين بالكحول والخمرة ومشتقاتها الفتاكة للأمعاء والشرايين؛ يتحركون بين جنبات المحطة شرقا وغربا، سكارى ومتشردين ينامون بين زوايا أبواب المحطة وغيرها ويفترشون الإسمنت أوعلى البلاستيك أوالورق المقوى ! ومخبولين نساء ورجالا منتشرين بشكل مريب ومخيف في محيط المحطة ؛ في كل الفصول ! وبعضهم يحمل أمتعته كأنه مسافر، وليس بذلك .

تلك باريس، فمحطة الشمال/  Gare du Nord: تعج بالمئات من نماذج بشرية غـريبة الأطوار  ; والسلوكات ، ترميهم منطقة )باربيس/ Barbés) أومنطقة  )لاشابيل/ Lachapelle ) أو منطقة (كوت دور/  Goutte d'Or) تعيش مكرهة بين جنبات المقاهي والحانات والمطاعم المجاورة أو المواجهة للمحطة ؛ وما بداخلها لأسباب مختلفة ، تحاكي واقعها اليومي المرير ، في عزلة عما يحدث من حولها . ولكن يقتاتون من "حسنات" و" إكراميات المارة والمسافرين؛ والعجيب في الأمر، أن هنالك قاعتين للمسرح (مسرح لابوصول / Théâtre la Boussole ) قريبة جدا من المحطة ؛ والأخرى من خلفها بأمتار( Théâtre des Bouffes du Nord ) محترمين ولا وجود لمتسولين أو متشردين يحيطان بأبوابهما، هل هنالك صرامة في إبعادهم ؛ أم طبيعة الحياة الباريسية تفرض احترام قاعة الفن والإبداع ؟ فالسؤال المطروح ؛ يأتي في سياق ؛ ليس هنالك احترام لبوابة الكنائس المنوجدة بين الأزقة والشوارع ؟  ورغم هذا الواقع المقلق، في فضاء باريس،  هنالك جمعيات مدنية واجتماعية؛ تحضر قبل طلوع الفجر بسيارة تحمل كل أنواع الفطور؛ لتقدمه  كمساعدة للمعوزين والفقراء والمشردين ، الذين يتجولون

وينامون و يتخذون من المحطة وكرا(أو ) أوكارا ؛ لحياتهم .                                                  

فعالم المتشردين ومختلي العقل والمتسولين والمدمنين على الخمور بباريس ، ظاهرة خطيرة وفي ازدياد مضطرد، نتيجة التطور الحضاري والاتساع العمراني والتحولات الاقتصادية وضغوطها. وبالتالي فالسلطة الباريسية لا تخفي هاته الحقائق ولا تخيفها هاته الظاهرة ، أو تحاول نفيها ، بل كثيرا ما تستغلها علنا. عبر صور فوتوغرافية أو تشكيلية،  طبعا من خلال الجمعيات والتي تقوم بعرضها في قاعة البلدية أو في الساحات العمومية وغيرها . والأروع : فالعَـوائد المالية لتلك المعارض تعود للمتشردين والمتسولين ، بطرق من الصعب أن أفهمها؛ لأنها شأن خاص لمدينتهم أو محيطهم .......

 

هناك تعليق واحد:

  1. Casino Gambling – Online Games for Fun - POCA
    Find the best online gambling casinos. 충청북도 출장안마 games 전라남도 출장샵 in 양주 출장샵 casinos and casino slots for fun at one of the best free 해축 보는 곳 casino websites 서귀포 출장샵 for fun in

    ردحذف