يمكن فهم الحقول في آن واحد كفضاءات مشكلة من المواقع (أو المراكز) التي تتوقف خاصياتها على المكان الذي تشغله في هذه الفضاءات والتي يمكن تحليلها في استقلال عن مميزات شاغليها (التي تحددها جزئيا). إن هناك قوانين عامة للحقول: إذ أن لمختلف الحقول، سواء الحقل السياسي أو الفلسفي أو الديني، قوانين اشتغال ثابتة (مما يعطي معنى لمشروع تأسيس نظرية عامة وما يخول لنا من الآن أن نستخدم ما نستنتجه من اشتغال كل حقل خاص في مساءلة وتأويل حقول أخرى، متجاوزين بذلك التعارض القاتل بين المونوغرافيا التنقيطية والنظرية الصورية الفارغة) ففي كل مرة ندرس حقلا جديدا، سواء حقل الفيلولوجيا في القرن 19 أو حقل الموضة الراهنة أو الحقل الديني في العصر الوسيط، نكتشف بعض الخاصيات النوعية الخاصة بحقل معين ونطور معرفتنا بالآليات الكونية للحقول التي تتميز عن بعضها البعض بمجموعة من المتغيرات الثانوية. فالمتغيرات الوطنية مثلا تضفي أشكالا مختلفة على الآليات التكوينية، كالصراع الدائر بين الطامحين والمهيمنين. لكننا نعرف أننا سنعثر في كل الحقول على صراع قائم بين الداخل الجديد الذي يحاول تفجير مزاليج المدخل من جهة، والمهيمن الذي يحاول الدفاع عن احتكاره للرساميل وإقصاء المنافس من جهة أخرى؛ ويتعين على ذلك الصراع أن يبحث له في كل حقل خاص عن شكل نوعي.
من بين الأشياء التي يتحدد بها الحقل،
كالحقل العلمي مثلا، هو كونه يعين الرهانات والمصالح النوعية التي لا يمكن
اختزالها في الرهانات والمصالح الخاصة بحقول أخرى (إذ لا يمكن أن نجعل الفيلسوف
يدخل في رهانات مع عالم الجغرافيا)، والتي لا يمكن أن يدركها أي شخص غير مكون
تكوينا يؤهله للدخول إلى الحقل (فكل فئة من المصالح تقتضي عدم الاهتمام ببعض
المصالح والاستثمارات الأخرى، مما يضفي عليها سمة العبث واللامعنى والتصعيد
والترفع). إن اشتغال حقل معين مشروط بوجود رهانات وأشخاص يلعبون اللعبة، مزودين في
ذلك بالهابتوس habitus الذي
يقتضي المعرفة والاعتراف بالرهانات وبالقوانين الملازمة للعبة، الخ.
يعتبر هابتوس عالم الفيلولوجيا في آن واحد
“مهنة” ورأسمالا من التقنيات والمراجع ومجموعة من “المعتقدات”، كالميل إلى إعطاء
أهمية متساوية للهوامش وللنصوص، وهي خاصيات ترتبط بالتاريخ (الوطني والدولي) لهذا
العلم وبالموقع (الوسيطي) الذي يشغله في سلم تراتب العلوم، لأن هذا التاريخ وهذا
الموقع يعتبران في آن واحد شرط اشتغال الحقل ونتاجا لهذا الاشتغال (ولكن ليس بشكل
حرفي: إذ يمكن للحقل أن يكتفي بالقبول والاعتراف بنوع من الهابتوس الذي سبق وأن
تكون كليا إلى هذا الحد أو ذاك).
إن بنية الحقل حالة من
حالات علاقة القوة بين الفاعلين أو بين المؤسسات المتصارعة؛ وبعبارة أخرى، تعتبر
بنية الحقل حالة من حالات توزيع الرأسمال النوعي الذي يوجه الاستراتيجيات اللاحقة
بما أنه روكم أثناء الصراعات السابقة. إن هذه البنية التي تولد الاستراتيجيات
الهادفة إلى تغيير تلك البنية نفسها، تدخل نفسها دوما في اللعبة: إذ يسعى الفاعلون
من خلال الدخول في الصراعات الدائرة داخل الحقل إلى احتكار العنف الرمزي (السلطة
النوعية) الذي يميز الحقل المدروس، أو يسعون من خلال ذلك إلى قلبه. (عندما أتحدث
عن الرأسمال النوعي، فإنني أريد القول بأن قيمة الرأسمال تتحدد انطلاقا من العلاقة
التي يقيمها مع حقل معين، وبالتالي مع حدود هذا الحقل؛ ولا يمكن تحويل هذا
الرأسمال إلى نوع آخر من الرساميل إلا في بعض الشروط. يكفيكم مثلا أن تفكروا في
فشل كاردان Cardin عندما
أراد أن ينقل إلى مجال الثقافة الرفيعة رأسمالا سبق له وأن روكم في مجال الخياطة
الرفيعة: إذ كان بإمكان أسوإ ناقد فني أن يؤكد تفوقه البنيوي كعضو في حقل أكثر
شرعية بنيويا لو قال بأن كل ما صنع ماردان في مجال الفن الشرعي كان رديئا ولو فرض
على رأسماله أقل نسبة من التحويل).
إن أولئك الذين يحتكرون – في حالة محددة
من حالات علاقات القوة – الرأسمال النوعي الذي يعتبر أساس السلطة أو الهيمنة
النوعية التي تميز الحقل عن غيره من الحقول، يجدون أنفسهن منقادين إلى اتخاذ
استراتيجيات المحافظة (وهي الاستراتيجيات التي تميل إلى الدفاع عن الأورثوذوكسية في
حقول إنتاج السلع الثقافية)، بينما يميل المعوزون من حيث الرأسمال (وهو في الغالب
الداخلون الجدد، وبالتالي الأصغر سنا في غالب الحالات) إلى اتخاذ استراتيجيات
القلب – أي استراتيجيات الهروق. إن الهروق (الهرطقة)، كقطيعة نقدية مع
الرأي السائد (doxa)
ومرتبطة غالبا مع الأزمة، يخرج المهيمنين من صمتهم ويفرض عليهم إنتاج الخطاب
المدافع عن الأورثودوكسيية والفكر المستقيم واليميني الذي يهدف إلى إقامة معادل
للانخراط الهادئ في الدوكسا.
يتسم الحقل بخاصية أخرى، لكنها غير مرئية
بما فيه الكفاية : يشترك كل الأشخاص الموجودين في حقل معين في عدد معين من المصالح
الأساسية، أي في كل ما يرتبط بوجود الحقل نفسه:وهذا هو مصدر التواطئ الموضوعي
المستتر خلق كل التناحرات. إذ ينسى الكثيرون الشيء الذي يظل مكبوتا في بداهته
ويبقى في وضعية الرأي السائد (doxa)،
وهو أن الصراع يفترض اتفاقا بين المتنافسين على ما يستحق أن يكون مدارا للصراع، أي
اتفاقا حول ما يصنع الحقل نفسه، كاللعبة والرهانات وكل المقتضيات التي يتم قبولها
ضمنيا بمجرد الدخول في اللعبة دون أن يكون الداخل على علم بها. فأولئك الذين
يشتركون في الصراع يساهمون في إعادة إنتاج اللعبة بمساهمتهم الكلية إلى هذا الحد
أو ذاك حسب الحقول في إنتاج الإيمان بقيمة الرهانات. ويتعين على الداخلين الجدد
أداء رسم الدخول، وهو الاعتراف بقيمة اللعبة (فالانتقاء واختيار الأعضاء من
الزملاء يمنح دوما أهمية كبرى لمؤشرات الانخراط في اللعبة ومؤشرات الاستثمار)
والمعرفة العملية بمبادئ اشتغال اللعبة. يتخذ هؤلاء الداخلون الجدد استراتيجية
القلب، لكنهم يكتفون ببعض الحدود خوفا من الإقصاء. ولذلك فإن الثورات الجزئية التي
تحدث باستمرار في الحقول لا تطرح موضع تساؤل قواعد اللعبة نفسها وبداهتها
الأساسية، باعتبارها قاعدة المعتقدات النهائية التي تقوم عليها اللعبة كلها. وعلى
العكس من ذلك، تستند عملية الهدم المارق في حقول إنتاج السلع الثقافية كالدين
والأدب والفن، العودة إلى المنابع والأصل والروح وحقيقة اللعبة، وذلك ضد الابتذال
وإنقاص القيمة اللذين تتعرض لهما اللعبة نفسها. (إن أحد العوامل التي تضع مختلف
أشكال اللعبة في منأى عن الثورات الكلية التي يمكن أن تدمر اللعبة نفسها وليس فقط
وليس فقط المهيمنين والهيمنة، يتمثل هذا العامل إذن بالضبط في أهمية استثمار الزمن
والجهد التي يفترضها الدخول في اللعبة والتي تساهم في أن تجعل الفاعلين لا
يفكرون أبدا في تدمير اللعبة تدميرا مجانيا، شأنها في ذلك شأن اختبارات
طقوس المرور. لذلك فإن قطاعات ثقافية بكاملها – وأنا أمام مجموعة من علماء
الفيلولوجيا، لا يسعني إلا أن أفكر في الفيلولوجيا… – أنقذت نفسها بتسديدها للثمن
الذي يستلزمه اكتساب المعارف الضرورية لتدمير أشكال تلك القطاعات).
إن تاريخ اللعبة وماضيها حاضران في كل فعل
من أفعال اللعبة، وذلك فيما وراء المعرفة العملية بمادئ اللعبة التي يطالب بها
ضمنيا الداخلون الجدد. ليس عبثا أن يتمثل أحد المؤشرات الأكثر يقينية من بين
مؤشرات تكون حقل معين – بالإضافة إلى احتواء عمل ثقافي ما على آثار العلاقة
الموضوعية (وأحيانا اللاواعية) التي تربطه بالأعمال الأخرى، سواء الماضية أو
المعاصرة له – في ظهور هيئة من مسجلي الحيوات – كتاب البيوغرافيات – ومسجلي
الأعمال الثقافية – الفيلولوجيون ومؤرخو الفن والأدب الذين يشرعون في توثيق
المخططات الإجمالية والنماذج الفنية والمخططات و “تصحيحا (إن الحق في “التصحيح” هو
العنف الشرعي الخاص بعالم الفيلولوجيا) وفك رموزها، الخ .. توجد مجموعة من الناس
الذين يساهمون في المحافظة على ما يتم إنتاجه في الحقل، أي أن لهم مصلحة في
المحافظة على ذلك، وبالتالي فإنهم يحافظون على أنفسهم بمحافظتهم على تلك
المنتوجات.
ومن بين مؤشرات سير عمل الحقل، هناك الأثر
الذي يطبع به التاريخ العمل الثقافي (وذلك حتى في حياة المنتج). يتعين علينا من
باب البرهان بالخلف أن نحلل تاريخ العلاقات القائمة بين الفنان المسمى “ساذجا” (أي
الذي دخل إلى الحقل غفلة دون أن يوفي رسم الدخول) كالجمركي روسو من جهة، والفنانين
المعاصرين كأبولينير أو بيكاسو، الذين يلعبون (بالمعنى الحقيقي للكلمة،
أي بكل أنواع المزايدات السموحة إلى هذا الحد أو ذاك) بمن لا يعرف كيف يلعب اللعبة
وبمن يحلم بأن يكون بوجيرو أو بونافي عصر المذهب المستقبلي و التكعيب وبمن يفسد
اللعبة رغما عنه وعن غير وعي منه، أي دون أن يكون على كل حال يعلم أنه يفسد
اللعبة، شأنه شأن الكلب في لعبة الأوتاد (البولينغ)، وذلك على خلاف ناس آخرين
كديشون وساتي اللذين كانا يعرفان منطق الحقل معرفة كافية تجعلهما يقتحمانه
ويستغلانه لصالحهما في نفس الوقت. ويتعين علينا أن نحلل أيضا تاريخ التأويل اللاحق
للعمل الفني، وهو التاريخ الذي يعمل بواسطة التأويل المفرط على إدخال العمل الفني
إلى الصف، أي إلى التاريخ، ويجهد من أجل أن يجعل من هذا الفنان التجميلي (إن
المبادئ الجمالية لرسوماته، كالجبهية(*) الفجة في صور الأشخاص، هي تلك المبادئ
التي يقحمها أعضاء الطبقات الطبقات الشعبية في صورهم الفوتوغرافية) فنانا ثوريا
واعيا وملهما.
يوجد مفعول الحقل عندما لا يستطيع المرء
فهم عمل ثقافي معين (والقيمة، أي الاعتقاد، التي يحظى بها) دون معرفة تاريخ الحقل
الذي أنتج فيه العمل – وهذا ما يبرر به الشارحون والمعلقون والمؤولون والمؤرخون
والسيميولوجيون كونهم الوحيدين القادرين على تحليل العمل والاعتراف بالقيمة التي
يتمتع بها. إن سوسيولوجيا الفن والأدب التي ترجع بشكل مباشر الأعمال إلى الموقع
الذي يشغله المنتجون وزبناؤهم في الفضاء الاجتماعي (أي الطبقة الاجتماعية) دون
الانتباه إلى الموقع الذي يشغلونه في حقل الإنتاج (وهو “اختزال” لا يقنع إلا
“السذج” عند اللزوم)، إن هذا النوع من السوسيولوجيا إذن يترك جانبا كل ما يدين به
العمل الثقافي للحقل ولتاريخه، وبصيغة أخرى أكثر دقة، إنه يترك جانبا كل ما يصنع
العمل الفني أو العملي أو الفلسفي. فالمشكل الفلسفي (أو العلمي، الخ) الشرعي هو
المشكل الذي يتعرف عليه ويعترف به الفلاسفة (أو العلماء، الخ) بما هو كذلك (نظرا
لأنه كامن في منطق تاريخ الحقل وفي استعدادات الفلاسفة التي تكونت تاريخيا بفعل
انتمائهم إلى الحقل ومن أجله)، وهو المشكل الذي يتوفر على كل الحظوظ لأن يتم
الاعتراف بشرعيته اعترافا واسعا بالنظر إلى السلطة النوعية التي يعترف له بها.
يمكن لمثال الرسامين “السذج” أن يسلط الضوء على هذه النقطة. إنهم أناس وجدوا
أنفسهم يشغلون وضعية فناني أو كتاب (وثوريين فضلا عن ذلك) باسم إشكالية لا يعرفون
عنها شيئا: إن التداعيات الكلامية لجون-بيير بريسي J.P. Brisset وسلسلة معادلاته الكلامية وجناساته وحديثه
المتهافت الذي سمح له، عن خطأ من الحقل الذي يشهد ببراءته، بأن يخاطب به المجتمعات
العلمية ويتحدث به في الندوات الأكاديمية، كان كل ذلك إذن سيظل مجرد هذيانات رجل
أبله لو لم تعمل فيزياء جاري Jarry وجناسات
أبو لينير أو ديشان والكتابة الأوتوماتيكية للسورياليين على خلق الإشكالية التي
بالإحالة إليها أمكن لهذيانات بريسي أن يكون لها معنى. إن هؤلاء الشعراء/المواضيع،
هؤلاء الرسامين/المواضيع، هؤلاء الثوريين الموضوعيين، يسمحون لنا بأن نلاحظ في كل
حالة على حدة سلطة الإحالة التي يتمتع بها الحقل. وتمارس هذه السلطة بنفس القدر –
وإن بطريقة مبررة جدا وأكثر جاذبية – على أعمال المجترفين الذين يعرفون ما يفعلون
(الشيء الذي لا يعني أبدا أنهم يتسمون بالفظاظة) نظرا لأنهم يعرفون اللعبة، أي
تاريخ اللعبة وإشكاليتها، بحيث أن الضرورة التي تنشرها القراءة
التقديسية في هذه اللعبة لا تظهر بوضوح كبير كمنتوج لصدفة موضوعية (في نفس الوقت
الذي تبدو فيه كذلك باعتبارها تفترض انسجاما إعجازيا بين استعداد فلسفي وحالة من
التوقعات الكامنة في الحقل). إن هايدغر غالبا ما يكون هو سبنغلر أو يانغر وقد
انتقلا إلى قمة الحقل الفلسفي. إنه يقول أشياء يسير من سيء إلى أسوأ، الخ. إن
الحقل، أو على وجه الدقة، إن هابتوس المحترف الخاضع مسبقا لمقتضيات الحقل (مثلا،
لتعريف الإشكالية الشرعية المعمول به)، سيعمل كأداة للترجمة: أن يكون المرء “ثوريا
محافظا” في الفلسفة، معناه أن يثورن صورة الفلسفة الكانطية بتوضيحه أنه توجد
الميتافيزيقا في جذر هذه الفلسفة التي تقدم نفسها كفلسفة تنتقد المتافيزيقا. ليس
هذا التغيير النسقي للمشاكل والمواضيع نتاجا لنوع من البحث الواعي (والمحسوب
والفج)، وإنما هو مفعول أوتوماتيكي للانتماء للحقل وللمعرفة الكبرى بالتاريخ النوعي
الخاص بالحقل الذي يقتضي تلك المعرفة. أن يكون المرء فيلسوفا، معناه أن يعرف جيدا
ما يجب معرفته من تاريخ الفلسفة من أجل أن يعرف كيف يتصرف كالفيلسوف في حقل فلسفي.
يجب أن ألح مرة أخرى على الفكرة التالية:
إن الاستراتيجيات الفلسفية (أو الأدبية، الخ) ليست للحساب الفج ولا للسعي الواعي
إلى تحقيق أكبر قدر ممكن من المنافع النوعية، وإنما هي نتيجة لعلاقة لا شعورية
قائمة بين الهابتوس والحقل فالاستراتيجيات التي أتحدث عنها هي بمثابة أفعال موجهة
موضوعيا لتحقيق غايات يمكن أن لا تكون هي الغايات المنشودة ذاتيا. وتهدف نظرية
الهابتوس إلى خلق إمكانية تأسيس علم للممارسات متحرر من ضرورة إجراء اختيار بين
الغائية والنزعة الآلية. (إن كلمة منفعة التي استعملتها كثيرا في هذا العرض محفوفة
بكثير من المخاطر نظرا لأنها تكاد توحي بنوع من النفعية التي تعتبر الدرجة الصفر
في السوسيولوجيا. ومع ذلك، لا يمكن للسوسيولوجيا أن تستغني عن مسلمة المنفعة التي
أفهمها كاستثمار نوعي للرهانات، يعتبر في آن واحد شرط الانتماء إلى الحقل ونتاجا
له). إن الهابتوس، الذي هو منظومة من الاستعدادات المكتسبة بواسطة التعلم الضمني
أو الظاهر والذي يعمل كمظومة من الترسيمات المولدة، يعمل على توليد الاستراتيجيات
دون أن يكون المقصود منها هو تحقيق هذه الغاية قريبة جديدة لكي نتمكن من الإفلات
من الخيار بين الغائية الساذجة (التي تجعل المرء يكتب مثلا أن “الثورة” التي قادت
أبو لينير إلى اقتراف التهورات التي يتضمنها كتابه Lundi rue christine وإلى كتابة أعمال شعرية
جاهزة أخرى استلهمها من انشغاله بتصدر الحركة التي أشار إليها سوندرا أو
المستقبليون أو دولوناي) والتفسير ذي النمط الآلي (الذي كان يعتبر هذا التغيير
مجرد مفعول مباشر للحتميات الاجتماعية). عندما لا يفعل بعض الناس سوى تركها بتوسهم
يشتغل من تلقاء ذاته من أجل الخضوع لضرورة الحقل المحايثة ومن أجل الاستجابة
للمتطلبات التي يتضمنها الحقل (الشيء الذي يشكل في كل حقل تعريف الرفعة)، فإنهم
يكونون غير واعين بكونهم يستجيبون للواجب ويسعون إلى الحصول على أكبر قدر ممكن من
الفوائد (النوعية). وبذلك فإنهم يحققون فائدة إضافية تتمثل في أن يروا أنفسهم
ويرونهم الآخرون مترفعين عن المصالح ترفعا تاما.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق