كشف حساب - عبد اللطيف العلوي - مدارات ثقافية

احدث المواضيع

الاثنين، 20 يناير 2025

كشف حساب - عبد اللطيف العلوي


ليْلةَ البارِحَهْ ..!

قُلتُ والفِكْرُ بينَ منامَيْنِ مُضْطجِعٌ ساهِدُ:

هلْ تُرى سوفَ أُبْعثُ يا سيِّدي خالِقِي ..

بعدَ موتِي على هيْئةٍ واضِحَهْ؟

ومددتُ يدِي أتَحسَّسُ تحتَ الضُّلوعِ حِصانًا من الماءِ

يَركُضُ منذ سنينَ ولا يَسْتَكِينُ ..

ولكنَّهُ اليومَ يبدُو ثقيلَ الخُطَى، مُوهَنًا ..

مثلَ نهرٍ يَشِيخُ غريبًا على تُرْبَةٍ مالِحَهْ ..

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليْلةَ البارِحَهْ .!

زاغَ قلبِي وطارَ به الوَجْدُ كُلَّ مَطارِ،

وما خِفْتُ يَومًا كما خِفتُ ساعَتَها أنْ أنامَ ..

أنا حفنةٌ من تُرابِ ..

وكَفُّ الغِيابِ كما الرِّيحُ ممدودةٌ ..

يا لَكَفِّ الغِيابِ .!

ستَلْهُو بها ما تَشاءُ ..

وَتَسْلبُها الرُّوحَ والرّائِحَهْ!

لمْ يكنْ حَدَثًا أنْ مررتُ على هذه الأرضِ يومًا،

كما لنْ يكون غيابي..!

ولكنّني صرتُ أخْشَى،

بأنْ أدفعَ اليومَ فاتورةً للحياة الّتِي لم أَعِشْها ..

وأحتاجُ يومًا فقطْ ..! ، أو يَزيدُ قليلاَ ..

وأحتاجُ كَشْفَ حِسابِ ..!

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فقيرٌ أنا يا إِلهِي كَمصباحِ زَيْتٍ ..

بسيطٌ كَعُشْبِ الرّوابِي ..

وكمْ طارَ نومي لِقِطٍّ يمُوءُ على شُرْفَتِي

جائِعُا أَوْ قَرِيرَا ..!

ودَفَّأْتُهُ في ثِيابِي ..

وكمْ مرَّةً قدْ نصبتُ لصَيْدِ العصافيرِ فخًّا وأَخْفَيْتُهُ ..

ثمَّ عُدتُ سريعًا وأَطْبَقْتُهُ في التُّرابِ!

وكَمْ غُصَّةً بتُّ أَمْضَغُها بينَ عيدٍ وعيدِ ..

وُعُودًا مُؤجَّلةً و دُمًى من جَليدِ!

فهلْ سوفَ تَمْنَحُنِي اليومَ يا سيِّدِي خَالِقِي

فُرْصةً منْ جَدِيدِ ..؟

لأَحْيَا لِيومٍ، أَوِ اثنَيْنِ ... أَو مَا تَشاءُ ..

ـــــــــــــــــــــــــــ

إِلهِي .. حَبيبِي !

أنَا ما تَجرَّأْتُ يومًا على الحُلْمِ إِلاَّ ..

بِأَشياءَ عابِرَةٍ، لا تُعَكِّرُ نَهْرَ الحَياةِ.

وَعِشْتُ على نَدَمٍ مُجْحِفٍ طولَ عُمْرِي ..

أُكَفِّرُ مستغفرًا عن ذُنُوبٍ تَوهَّمْتُها،

وكَثيرٍ منَ الشَّهواتِ الخَجُولةِ .. والأُمْنِياتِ

أُريدُ فقطْ فُسْحةً للصَّلاةِ ..

سَأَغْسِلُ قلبِي تمامًا

فَلَستُ الّذي أَدَّعِيهِ!

أنا الكأسُ يَرْشَحُ دَومًا بما ليسَ فيهِ..

أَفيضُ اشتِياقًا،

وأَزْهَدُ في كُلِّ ما أَشْتَهِيهِ!

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وَتَعْرِفُ يا سيِّدِي خالِقِي،

أَنَّنِي لمْ أَكُنْ دَيِّنًا قائِمًا صائِمًا ...

مُغْدِقًا في النّوافِلِ مثلَ الكثيرينَ

أو مُسْرِفًا في الْحياةِ!

وأنِّي أُغالِبُ أَمّارَةَ السُّوءِ في كلِّ حينٍ...

وأَسْهُو – ولاَ حَولَ لي – في صَلاتِي!

وتَعْرِفُ يا خالِقِي ..

أَنّني لا أُحبُّ الْكَثيرَ من النّاسِ مهما اسْتَقامُوا ..

وَيُحْزِنُنِي أنَّهمْ ...

يَحْمِلُون بِأنْفاسِهِمْ نَفْخةً منْ جلاَلةِ رُوحِكَ،

تَعْرِفُ أَنِّي ظَلمتُ الكثيرينَ حُبًّا وَ كُرْهًا ..

وما زِلتُ أَظْلِمُ ذَاتِي!

فَمَنْ لِي أَنا يا إِلهَ الحَزَانَى، سِواكَ. ؟!

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

غَدًا .. رُبَّما تُشْرِقُ الشَّمسُ بَعْدِي ..

وَعينايَ مُغْمَضتانِ ..

سَيَبْكِي القليلُونَ حَتْمًا!

وَيَبْتَسِمُ الْبَعضُ في سِرِّهِمْ شَامِتِينَ

وَقَدْ يَكًتُبُ البعضُ نَعْيًا سَرِيعًا ثقِيلَ العباراتِ، يبدو حزينَا..

غَدًا يا إِلَهِي..

سآتِيكَ فَرْدًا بِما أَدّعِيهِ، كما يَدَّعي النّاسُ،

منْ عَمَلٍ صالِحٍ ... أَوْ ذُنُوبٍ صغِيرَهْ!

ولكنَّ لي – قبلَ ذلكَ – يا سيِّدِي يا خالِقِي ...

رَغْبَةً في الْبُكاءِ ..

وَأُمْنِيَةً يا إِلَهِي... أَخِيرَهْ!

أُريدُ فقطْ أن أَمُوتَ على أَيِّ دَرْبٍ وَلَوْ مُوحِلٍ،

مِنْ دُرُوبِ الحياةِ الْكَثيرَهْ

وَلا أَنتهِي فوقَ هذا الْفِراشِ،

كَما تنتَهِي الرِّيحُ دَومًا كَسِيرَهْ!

و أنْ أنزلَ القَبْرَ يا خالِقِي واثقا، شَامِخًا..

أَنَّنِي ما حَنَيْتُ لِغَيْرِكَ رأْسِي

ولا احْتَجْتُ يَومًا..

لأَكْثَرَ من كَفِّ أُمِّي وَ دَعْوَاتِهَا

في حَياتِي القَصِيرَهْ.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق