فلسفة العقل فلسفة محورية في الفكر البشري لأنها تسأل : ما هو العقل؟ و هل من الممكن تحديده؟ نشهد هنا صراع المذاهب الفلسفية حول هذه القضية.
تؤكد السوبر حداثة على أن العقل غير مُحدَّد ما هو , و بذلك تحرِّر العقل من سجون تحليل معين للقدرات العقلية. و في هذا فضيلة قصوى للسوبر حداثة. فلو أن العقل مُحدَّد في تعريف أو تحليل معين لتم سجنه ضمن هذا التحليل أو ذاك. لكن السوبر حداثة من خلال اعتبار أن العقل غير مُحدَّد تجعل العقل قادراً على تغيير ماهيته و صفاته ما يضمن حرية تكوّن العقل على ضوء اختلاف الظروف الطبيعية و الاجتماعية. فلا محددية العقل ضمانة لمقدرة العقل على أن يُغيِّر ماهيته و صفاته فيتمكن من التكيف و التأقلم مع الظروف المختلفة. و بذلك يضمن العقل نجاحه. أما إذا كان العقل مُحدَّداً في ماهية و صفات معينة فحينها لن يتمكن من تغيير ماهيته و صفاته , و بذلك سيفشل في التأقلم مع الظروف الطبيعية و الاجتماعية المتغيرة. من هنا , لا محددية العقل ضمانة لاستمراريته و بقائه. فلو كانت ماهية العقل مُحدَّدة ما هي لزال العقل بزوال ضرورة وجود ماهيته التي من المفترض أنها تشكّلت على ضوء ظروف طبيعية و اجتماعية ماضوية و التي من المفترض أنها تكوّنت لتكون مفيدة في الماضي و ليست بالضرورة مفيدة في الحاضر أو المستقبل. على أساس هذه الاعتبارات تقول السوبر حداثة إن العقل غير مُحدَّد ما هو.
بما أن , بالنسبة إلى السوبر حداثة , العقل غير مُحدَّد ما هو , إذن من الممكن للعقل أن يتخذ ماهيات و صفات عديدة و مختلفة. فمثلا ً , من الممكن أن يكون العقل مجرد حالات فسيولوجية دماغية مفيدة في البقاء ضمن هذه الظروف الطبيعية و الاجتماعية أو تلك. كما من الممكن للعقل أن يكون مجموعة ميول للتصرف مفيدة في هذه الظروف أو تلك. كما من الممكن له أن يكون مجرداً في تفكيره بعيداً عن الواقع المادي المحيط به فيُنتِج مثلا ً الرياضيات المجردة التي لا ترتبط بعالمنا المادي الذي نحيا فيه. هكذا لا محددية العقل تمكنه من اكتساب ماهيات و صفات متنوعة , و بذلك يكتسب وظائف عدة و مختلفة تماماً كما هو بالفعل. من هنا , السوبر حداثة القائلة بأن العقل غير مُحدَّد تفسِّر لماذا العقل يملك وظائف متنوعة و عديدة. و بذلك تملك السوبر حداثة قدرة تفسيرية كبرى ما يدعم مقبوليتها.
موقف السوبر حداثة يتفق مع السوبر مستقبلية التي تعتبر أن العقل مُحدَّد فقط في المستقبل. و لذا تشكّل كل من السوبر حداثة و السوبر مستقبلية حقلا ً فلسفياً واحداً. فبما أن , بالنسبة إلى السوبر مستقبلية , العقل مُحدَّد فقط في المستقبل , إذن العقل غير مُحدَّد في الحاضر و الماضي تماماً كما تقول السوبر حداثة. و بذلك تتفق السوبر مستقبلية مع فلسفة السوبر حداثة. و بما أن العقل مُحدَّد فقط في المستقبل كما تؤكد السوبر مستقبلية , و بما أن المستقبل معتمد علينا في تشكيله , إذن تكوين العقل معتمد علينا نحن بالذات. فنحن مَن سننتج العقل و ماهيته و صفاته في المستقبل على ضوء ما نقرر و نختبر و نعلم لأن العقل لا يتشكّل سوى في المستقبل. من هنا , السوبر مستقبلية تجعلنا نحن أسياد العقل بدلا ً من أن نكون عبيد عقول ماضوية.
لكن السوبر تخلف كمذهب فكري يصر على أن العقل قد تكوَّن في الماضي و يدعي أن للعقل ماهية مُحدَّدة مُسبَقاً في ماض ٍ من غير الممكن التحرر منه. و بما أن, بالنسبة إلى السوبر تخلف كفلسفة عقائدية , العقل يملك ماهية مُحدَّدة في الماضي , إذن من المستحيل تغيير العقل أو تطويره و بذلك يسجننا مذهب السوبر تخلف في عقل ماضوي. هنا تكمن إحدى رذائل السوبر تخلف. فالسوبر تخلف ينفي إمكانية تغيير العقل و تطويره من خلال اعتبار أن العقل مُحدَّد سلفاً و بذلك يجعلنا سجناء عقول ماضوية. من منطلق السوبر تخلف , العقل محكوم بمسلّمات و معتقدات تم إنتاجها في الماضي ؛ فالعقل آلية روحية أو مادية تم تفصيل ماهيتها و صفاتها من قبل إله أزلي أو طبيعة أزلية. و بذلك من غير الممكن تغيير مسار و مصير العقل و التحكم في نتائجه. هكذا يجعلنا السوبر تخلف سجناء عقل ماضوي مُقيَّد بمسلّمات و معتقدات مُحدَّدة مُسبَقا ً.
من جهة أخرى , اعتبار أن العقل غير مُحدَّد يكفل استمرارية البحث العلمي و الفلسفي الهادف إلى اكتشاف الصفات و الماهيات العقلية المتعددة. فإذا اعتبرنا أن العقل غير مُحدَّد كما تقول السوبر حداثة و السوبر مستقبلية , إذن لا بد من البحث الدائم عن ماهيات و صفات العقل كونه غير مُحدَّد في ماهية و صفات معينة. من هنا, تضمن السوبر حداثة و السوبر مستقبلية استمرارية البحث العلمي و الفلسفي. لكن موقف السوبر تخلف يغتال استمرارية البحث العلمي و الفلسفي من خلال إدعاء أن العقل مُحدَّد في ماهية و صفات معينة. فإذا اعتبرنا أن العقل مُحدَّد في ماهية و صفات معينة حينها لا يوجد داع ٍ كي نستمر في البحث العلمي و الفلسفي الهادف إلى اكتشاف الصفات و الماهيات العقلية العديدة و المختلفة لأن بالنسبة إلى السوبر تخلف لا توجد صفات و ماهيات عدة و متنوعة للعقل أصلا ً لكونه مُحدَّداً فيما نعلم عنه. هكذا الصراع الفكري حول محددية أو لا محددية العقل صراع حول استمرارية العلم و قبوله أو رفضه و اغتياله. فالشعوب التي تتخذ السوبر تخلف كعقيدة فكرية لها غير قادرة على صياغة العلوم لأنها تغتال العلم من خلال تحديد الظواهر في الماضي بينما الشعوب التي تؤمن بالسوبر حداثة و السوبر مستقبلية تنجح في إنتاج العلم و تطويره لأنها لا تحدِّد الحقائق و الظواهر في ماهيات متكوّنة في الماضي.
بما أن السوبر تخلف يسجننا في عقول ماضوية , لذا تستعين الأنظمة الديكتاتورية بالسوبر تخلف من أجل قمع عقول مواطنيها. في عصر السوبر تخلف, بدلا ً من أن يحررنا العقل يغدو سجناً لنا . على هذا الأساس, السوبر تخلف كمذهب عقائدي يستخدم العقل من أجل تجهيلنا فيدعي مثلا ً أن المعارف تم اكتشافها في الماضي و لا داع ٍ بل من الخطأ البحث عن أية معارف جديدة. هكذا السوبر تخلف يقتل العقل البشري و يحوّلنا إلى عبيد لأجدادنا. فكما يستغل السوبر تخلف المنجزات الحضارية كالتكنولوجيا و العلم و الدين كي ينشر الجهل و التجهيل كذلك يستغل العقل كي يجعل الجهل قيمة و فضيلة من خلال سجننا في معارف ماضوية فيعلن بذلك انتصار العقل المُحدَّد منذ الأزل. الصراع بين السوبر حداثة و السوبر مستقبلية من جهة و السوبر تخلف من جهة أخرى صراع لا ينتهي ؛ فبينما كل من فلسفة السوبر حداثة و السوبر مستقبلية تقول بأن العقل غير مُحدَّد فتحررنا من العقول الماضوية , يصر السوبر تخلف على أن العقل مُحدَّد مُسبَقا ً فيسجننا في ماض ٍ مجهول. أي عقل سنختار هو قرارنا نحن
تؤكد السوبر حداثة على أن العقل غير مُحدَّد ما هو , و بذلك تحرِّر العقل من سجون تحليل معين للقدرات العقلية. و في هذا فضيلة قصوى للسوبر حداثة. فلو أن العقل مُحدَّد في تعريف أو تحليل معين لتم سجنه ضمن هذا التحليل أو ذاك. لكن السوبر حداثة من خلال اعتبار أن العقل غير مُحدَّد تجعل العقل قادراً على تغيير ماهيته و صفاته ما يضمن حرية تكوّن العقل على ضوء اختلاف الظروف الطبيعية و الاجتماعية. فلا محددية العقل ضمانة لمقدرة العقل على أن يُغيِّر ماهيته و صفاته فيتمكن من التكيف و التأقلم مع الظروف المختلفة. و بذلك يضمن العقل نجاحه. أما إذا كان العقل مُحدَّداً في ماهية و صفات معينة فحينها لن يتمكن من تغيير ماهيته و صفاته , و بذلك سيفشل في التأقلم مع الظروف الطبيعية و الاجتماعية المتغيرة. من هنا , لا محددية العقل ضمانة لاستمراريته و بقائه. فلو كانت ماهية العقل مُحدَّدة ما هي لزال العقل بزوال ضرورة وجود ماهيته التي من المفترض أنها تشكّلت على ضوء ظروف طبيعية و اجتماعية ماضوية و التي من المفترض أنها تكوّنت لتكون مفيدة في الماضي و ليست بالضرورة مفيدة في الحاضر أو المستقبل. على أساس هذه الاعتبارات تقول السوبر حداثة إن العقل غير مُحدَّد ما هو.
بما أن , بالنسبة إلى السوبر حداثة , العقل غير مُحدَّد ما هو , إذن من الممكن للعقل أن يتخذ ماهيات و صفات عديدة و مختلفة. فمثلا ً , من الممكن أن يكون العقل مجرد حالات فسيولوجية دماغية مفيدة في البقاء ضمن هذه الظروف الطبيعية و الاجتماعية أو تلك. كما من الممكن للعقل أن يكون مجموعة ميول للتصرف مفيدة في هذه الظروف أو تلك. كما من الممكن له أن يكون مجرداً في تفكيره بعيداً عن الواقع المادي المحيط به فيُنتِج مثلا ً الرياضيات المجردة التي لا ترتبط بعالمنا المادي الذي نحيا فيه. هكذا لا محددية العقل تمكنه من اكتساب ماهيات و صفات متنوعة , و بذلك يكتسب وظائف عدة و مختلفة تماماً كما هو بالفعل. من هنا , السوبر حداثة القائلة بأن العقل غير مُحدَّد تفسِّر لماذا العقل يملك وظائف متنوعة و عديدة. و بذلك تملك السوبر حداثة قدرة تفسيرية كبرى ما يدعم مقبوليتها.
موقف السوبر حداثة يتفق مع السوبر مستقبلية التي تعتبر أن العقل مُحدَّد فقط في المستقبل. و لذا تشكّل كل من السوبر حداثة و السوبر مستقبلية حقلا ً فلسفياً واحداً. فبما أن , بالنسبة إلى السوبر مستقبلية , العقل مُحدَّد فقط في المستقبل , إذن العقل غير مُحدَّد في الحاضر و الماضي تماماً كما تقول السوبر حداثة. و بذلك تتفق السوبر مستقبلية مع فلسفة السوبر حداثة. و بما أن العقل مُحدَّد فقط في المستقبل كما تؤكد السوبر مستقبلية , و بما أن المستقبل معتمد علينا في تشكيله , إذن تكوين العقل معتمد علينا نحن بالذات. فنحن مَن سننتج العقل و ماهيته و صفاته في المستقبل على ضوء ما نقرر و نختبر و نعلم لأن العقل لا يتشكّل سوى في المستقبل. من هنا , السوبر مستقبلية تجعلنا نحن أسياد العقل بدلا ً من أن نكون عبيد عقول ماضوية.
لكن السوبر تخلف كمذهب فكري يصر على أن العقل قد تكوَّن في الماضي و يدعي أن للعقل ماهية مُحدَّدة مُسبَقاً في ماض ٍ من غير الممكن التحرر منه. و بما أن, بالنسبة إلى السوبر تخلف كفلسفة عقائدية , العقل يملك ماهية مُحدَّدة في الماضي , إذن من المستحيل تغيير العقل أو تطويره و بذلك يسجننا مذهب السوبر تخلف في عقل ماضوي. هنا تكمن إحدى رذائل السوبر تخلف. فالسوبر تخلف ينفي إمكانية تغيير العقل و تطويره من خلال اعتبار أن العقل مُحدَّد سلفاً و بذلك يجعلنا سجناء عقول ماضوية. من منطلق السوبر تخلف , العقل محكوم بمسلّمات و معتقدات تم إنتاجها في الماضي ؛ فالعقل آلية روحية أو مادية تم تفصيل ماهيتها و صفاتها من قبل إله أزلي أو طبيعة أزلية. و بذلك من غير الممكن تغيير مسار و مصير العقل و التحكم في نتائجه. هكذا يجعلنا السوبر تخلف سجناء عقل ماضوي مُقيَّد بمسلّمات و معتقدات مُحدَّدة مُسبَقا ً.
من جهة أخرى , اعتبار أن العقل غير مُحدَّد يكفل استمرارية البحث العلمي و الفلسفي الهادف إلى اكتشاف الصفات و الماهيات العقلية المتعددة. فإذا اعتبرنا أن العقل غير مُحدَّد كما تقول السوبر حداثة و السوبر مستقبلية , إذن لا بد من البحث الدائم عن ماهيات و صفات العقل كونه غير مُحدَّد في ماهية و صفات معينة. من هنا, تضمن السوبر حداثة و السوبر مستقبلية استمرارية البحث العلمي و الفلسفي. لكن موقف السوبر تخلف يغتال استمرارية البحث العلمي و الفلسفي من خلال إدعاء أن العقل مُحدَّد في ماهية و صفات معينة. فإذا اعتبرنا أن العقل مُحدَّد في ماهية و صفات معينة حينها لا يوجد داع ٍ كي نستمر في البحث العلمي و الفلسفي الهادف إلى اكتشاف الصفات و الماهيات العقلية العديدة و المختلفة لأن بالنسبة إلى السوبر تخلف لا توجد صفات و ماهيات عدة و متنوعة للعقل أصلا ً لكونه مُحدَّداً فيما نعلم عنه. هكذا الصراع الفكري حول محددية أو لا محددية العقل صراع حول استمرارية العلم و قبوله أو رفضه و اغتياله. فالشعوب التي تتخذ السوبر تخلف كعقيدة فكرية لها غير قادرة على صياغة العلوم لأنها تغتال العلم من خلال تحديد الظواهر في الماضي بينما الشعوب التي تؤمن بالسوبر حداثة و السوبر مستقبلية تنجح في إنتاج العلم و تطويره لأنها لا تحدِّد الحقائق و الظواهر في ماهيات متكوّنة في الماضي.
بما أن السوبر تخلف يسجننا في عقول ماضوية , لذا تستعين الأنظمة الديكتاتورية بالسوبر تخلف من أجل قمع عقول مواطنيها. في عصر السوبر تخلف, بدلا ً من أن يحررنا العقل يغدو سجناً لنا . على هذا الأساس, السوبر تخلف كمذهب عقائدي يستخدم العقل من أجل تجهيلنا فيدعي مثلا ً أن المعارف تم اكتشافها في الماضي و لا داع ٍ بل من الخطأ البحث عن أية معارف جديدة. هكذا السوبر تخلف يقتل العقل البشري و يحوّلنا إلى عبيد لأجدادنا. فكما يستغل السوبر تخلف المنجزات الحضارية كالتكنولوجيا و العلم و الدين كي ينشر الجهل و التجهيل كذلك يستغل العقل كي يجعل الجهل قيمة و فضيلة من خلال سجننا في معارف ماضوية فيعلن بذلك انتصار العقل المُحدَّد منذ الأزل. الصراع بين السوبر حداثة و السوبر مستقبلية من جهة و السوبر تخلف من جهة أخرى صراع لا ينتهي ؛ فبينما كل من فلسفة السوبر حداثة و السوبر مستقبلية تقول بأن العقل غير مُحدَّد فتحررنا من العقول الماضوية , يصر السوبر تخلف على أن العقل مُحدَّد مُسبَقا ً فيسجننا في ماض ٍ مجهول. أي عقل سنختار هو قرارنا نحن
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق