قِوام شخصي هو انتمائي إلى أُمَّةٍ وسَطٍ تعدِل في نظرتها إلى الحياة وما وراءَها بين صرامة العقل ِ وعروج القلب. بل إنّي أفَرِّع من هذين الطريقَيْن الأعظمين شُعَبًا تتكثـَّر بتكثـُّر الحاجات إلى معرفة أسرار الكون بمن فيه وما فيه وعرفان الحقيقة القصوى في قطبيّتها غير المتحيِّزة؛ إذ "الطـُّرُقُ إلى الله في عدد أنفاس الخلائق".
ما من شكٍّ في أنّ العقل ينبغي أن يكون رائدنا إلى إدراك ما يحيط بنا من عالم المحسوسات وما وراءَه من المعقولات, وإدراك أنفسـِنا وموقعنا في الكون. وليس من شيء محرَّماً على عقلنا نتدبَّره به حتَّى المقدَّساتِ التي جعلتها الإنسانية في أعلى عِليِّين؛ لأنه وسيلتنا إلى المعرفة.
إلا أنَّ أسرارًا كثيرة وألغازًا شتـّى وقف عقلنا دونها عاجزًا عن حلّ معَمَّياتها، فبادرت صفوة من الإنسانية إلى الحدْس ِ بوسيلة أخرى تكشف الغطاء عنها، فاكتشفوا طاقة القلب التي إن هي وُجِّهت في خطّ "سير ٍ وسلوك" موصول الأنفاس، بلغت بأصحابها وكرَ العنقاء في جبل القاف، حيث نعاين أنفسنا على حقيقتها في مرآة عُلْويَّة. هذا هو مسار " أصحاب القلوب ", في مقابل نظر أصحاب العقول.
إِنَّ مسيرة الإنسانية -مذ بدأت تعي واقعها حتَّى اليوم- توزَّعت في هذين الاتجاهين؛ غير أنَّ فئة من الآخذين بالتوجُّهين عمدت إلى التوليف بينهما، وليس هذا أمرًا بِدْعًا؛ فقد حفل تاريخ الإنسانية بمحاولات الجمع بينهما أو التوفيق، فكان نصيبها شبيهًا بنصيب سرير ﭙروميثيوس، زيادة ً أو نقصانًا في المقاييس. أما التأليف أو التوليف فيمكن أن يكون المصطلح الأنسب من حيث الدلالة اللغويِّة على المعنى المقصود. فإِذا أَلَّفْتَ الشيء تأليفًا وصلتَ بعضه ببعض، ومنه تأليف الكتب، ومنه -كما قال كذلك صاحب لسان العرب- "المعنى في قوله تعالى: ﴿لإِيلاف قريش﴾: لتُؤْلـف قريش الرِّحلتين فتتَّصلا ولا تنقطعا"(1).
لقد انطوى مسار الفكر العربي الإسلاميّ على محاولات انتقاء وتلفيف وجمع بين مذاهب فكريَّة مختلفة، وبين الفلسفة والدين، مذ كانت محاولة الكنديّ (256 هـ) بين الدين -بصورة عامة- والفلسفة كذلك، وترسّخ هذا التيَّار التوفيقيّ في الفلسفة العربيّة الإسلاميَّة مع الفارابي (339 هـ) الذي قال بوحدة الفلسفة, فجمع بين رأيي الحكيمين: أفلاطون وأرسطو، على ما جاء في عنوان كتاب شهير له. ويضارع ذلك التوجّه الانتقائيّ في رسائل إِخوان ِ الصَّـفاء. لكنَّهم، بحسب إقرارهم: "لم نعاد علمًا من العلوم، ولم نهجر كتابًا من الكتب، ولم نتعصَّب على مذهب من المذاهب"(2) لم يتعدَّوا الانتقاء إلى التأليف؛ أي إلى الوصل والرّبط.
إلاَّ أنَّ التوليف بالمعنى الذي حدَّدناه لم يكن ليتجلّى سوى في حكمة الإشراق التي أحيا رسومها شهاب الدين السهرورديّ، يحيى بن حبش (587 هـ) فعُرف بها، وعُرفت به في لقبه "شيخ الإشراق"، وأنشأ تقليدًا مميَّزًا حمل لواءَه من بعده "الحكماء المتألـِّهون"، بالتوليف بين الفلسفة والتصوُّف، وإطلاق تسمية جديدة تجمعهما هي "الحكمة". ومن أشهرهم: ميرداماد وملا َّ صدرا وسواهما وصولا ً إلى اليوم.
حكمة الإشراق: مجمع مسارَي المعرفة
ذاعت تسمية "حكمة الإشراق" بسبب الشهرة التي حازها كتاب السهروردي الموسوم بهذا الاسم، وربما كان الأولى أن تسمًّى حكمة النور أو "الحكمة النوريَّة"، طبقًا لهذه العبارة التي جاءت في " البيان التأسيسيّ" لها، المبيِّن هويَّتها الذي أذاعه السهروردي موضحًا فيه سند انتمائِها العريق إلى سلسلة نسب عريق في الحكمة؛ حيث قال: "وكان في الفُرس أُمَّة يهدونَ بالحقّ وبه كانوا يعدِلون، حكماء فضلاء غير مشبِّهة المجوس، قد أحيينا حكمتهم النوريّة الشريفة التي يشهد بها ذوق أفلاطون ومَن قبله من الحكماء في الكتاب المسمَّى بحكمة الإِشراق، وما سُبقت إلى مثله...". كذلك يذكر السهروردي في "المطارحات" (قسم الطبيعيّات) أنـه أحيى فـي كتابـه حكمة الإشـراق، "الحكمة العتيقة التي ما زالت أئمّة هند وفارس وبابل ومصر وقدماء يونان إلى أفلاطون يدورون عليها، ويستخرجون عنها حكمتهم وهي الخميرة الأزليّة"(3).
هذان النصّان يتكاملان لإيضاح فكرة السهروردي في شرح المقصود بحكمة الإشراق، والمنحى التوليفيّ فيها بين عناصر فكريّة كشفيّة دينيّة بالمعنى العام لمفهوم المقَّدس. بدأ السَّهرورديّ نصّه الأول بإسقاط شعاع قرآنيّ على " أُمَّة في الفرس" عتيقة " كانوا يهدون بالحقّ"، عبْر تأويل إيحائيّ، يربط في ذهن القارئ بين أمّة مختارة من جماعة النبيّ موسى وأمّة في الفرس القدامى، في الآية القرآنية القائلة: ﴿ومن قوم موسى أُمّة يهدون بالحقّ وبه يعدلون﴾ (الأعراف: 159).
والجدير بالذكر أنَّ هذا نهج سلكه الإيرانيوّن بعد الإسلام استيعابًا لتراثهم السابق للإسلام في تراثهم الإسلاميّ، مؤلـفين بينهما، كما فعل حافظ الشيرازيّ -مثلاً- عندما أطلق على الشيخ الصوفيّ المرشد لقب "شيخ المجوس" (ﭙيرِمُغان). وقد انتقى الإيرانيّون العناصر غير المنافية للإسلام من ذاك التراث، وأدرجوها في تراثهم الجديد في صبغة إسلاميّة. وهذا ما رمى إليه السّهرورديّ عندما أضاف واصفًا أُمّته العتيقة بأنهم "حكماء فضلاء غير مشبِّهة المجوس". وقد قصد إلى هذا التمييز؛ لأنَّ فئة من المجوس الموحِّدين ضلـَّت سبيل التوحيد عندما قالت بثنويَّة مبدأي النور والظلمة، وهذا ما استقرَّ في أذهان العرب وسائر المسلمين حول المجوس. أمَّا المجوس الأصليَّة الذين ميّزهم الشهرستاني ووصفهم السهرورديّ بأنهم " غير مشبِّهة المجوس " فهم أتباع زرادشت (نبيّ الإيرانيين والآرييّن القدامى الموحِّد)، الذين قالوا بمبدأ واحد للنور والظلمة -الخير والشرّ-، مفسرّين وجود الشرّ بأنه نتيجة اختلاط الظلمات بالنور. أما حكمة هؤلاء فقد وصفها السَّهرورديّ بأنها " شريفة"؛ ليمنحها قدسيّة النّور. والنور الزرادشيّ مصدره الشرق عالم الأنوار الملائكية المنبثق من نور المجد الذي هو الخُرَّة أو الخوْرَنَةXvarnah في اللغة الأبستاقيَّة، و"فـَرِّه-يِ ِ إِيزَدي" Farreh-ye Izadiبالفارسيّة؛ أي الشعاع الإلهي. وعلى هذا يظهر طور سيناء في رسالة الغربة الغربيّة للسهروردي في هالة من نور "الخُرَّة" بكيمياء مخيّلة السهروردي التي عادت به إلى نقائه العُلوي الملكوتيّ.
وهنا أُسارع إلى القول: إن هذه المعتقدات التي "أحياها" السهرورديّ, واستوعبها نظامه الفكريّ الصوفيّ الحكْميّ ليست فكرًا طوباوِيا؛ بل هي فكر متصّل بالحياة والواقع؛ إذ إِن مصطلح الخُرَّة فهلويّ يفيد بوضعه اللغويّ طاقة داخليّة تحقّق لصاحبها التفوّق أو ما يصبو إليه. فلكلّ منّا "خرة" تؤهِّله للقيام بعمل كأنما هي نعمة أُعطيها. من هنا كان العمل بالنسبة لكلّ فرد حقيقته الذاتيّة ووسيلته إلى النجاة. فالمعلـّم عندما يعلـّم يحقّق ذاتيته، وكذلك المَلِك ورجل الدين، وهلم جرّا. ومثال ذلك أنَّ ييما الملك إذ فقد خرّته خسر صفة الملك. وخرّة الملوك هذه تسمَّى خُرِّ-ي ِ كيان؛ لأن كلمة كيان جمع كي التي تعني الملك وكل صاحبِ سلطان، ومنها اشتـُقَّت أسماء الملوك الكيانييّن العتاق مثل: كيكاوس، كيقباد، كيخُسرو... وقد فعَّل السَّهروردي هذه المفاهيم في مؤلفَّاته بإيمان بها. وذلك في ﭘَرْتونامه والألواح العماديّة حيث يسمّي الخرّة المشعل الإلهي والنبع الإشراقي(4). كذلك تناولها القاضي الفيلسوف الدواني فوصف الخرّة بأنها نور ساطع من ذات الله يسوِّد قومًا على آخرين. ولا يخفى أنّ خور -بصيغ مختلفة في اللغات الإيرانية المتتابعة- تعني النور، وفي الفارسيّة: خورشيد؛ أي النور المشعّ وهو الشمس.
هذه العلاقة بين الفكر والحياة غير مستغربة؛ لأنَّ الدّيانة الزرادشية التي تؤطـِّرها في منحاها الأخلاقيّ تُقيم العلاقة بين الإنسان والله وبين الإنسان وأخيه الإنسان على مبادئ ثلاثة أساسيّة هي:
الفكر الحسن (هُوْمت)
القول الحسن (هُوْخْت)
العمل الحسن (هُورْشْت)
فهي تقرن الفكر والقول والعمل، كما في المسيحيّة والإسلام من بعدها الّلذَين قرنا القول بالعمل(6).
بين الفهلويين وأفلاطون:
فإذا عدنا إلى ما أسميتـُه البيان التأسيسي Manifeste لحكمة الإشراق، كما أذاعه السهرورديّ في كتابه حكمة الإشراق، وكذلك إذا شاهدنا الشبيه به الذي ورد في كتاب المطارحات الذي مهَّد له مع سواه - وهو عائد إلى مرحلة أخذه بالفلسفة المشَّائية -؛ ألفينا السهروردي يُدخل أفلاطون الفيلسوف في عقد الإشراقيين مؤلفـًا بين الدين والتصوّف والفلسفة؛ إذ قال في بيانه: إنَّ الحكمة النوريّة الشريفة "يشهد بها ذوق أفلاطون ومَن قبله من الحكماء". وكان سبق ذلك قوله في المطارحات: "الحكمة العتيقة التي ما زالت أئمّة هند وفارس وبابل ومصر وقدماء يونان إلى أفلاطون يدورون عليها، ويستخرجون عنها حكمتهم، وهي الخميرة الأزليّة"(7). وليس قوله هذا في أمم مختلفة -ولا سيّما في أمّة اليونان الفلسفيّة وإشراقيتها- من قبيل الشطحات الفلسفيّة الشبيهة بشطحاته الصوفيّة؛ فهو -من حيث مفهومه لفلسفة الإشراق- لا يعني بالإشراقيين أو المشرقيين المتحيّزين في مكان جغرافيّ معَّين. صحيح أنَّ الشرق في مفهوم الإشراقيين هو مبعث النور، والغرب مستقرُّ الظلمة؛ إلا أنَّ ذلك لا يعني أنَّ الإشراق مقصور على من وُلدوا أو أقاموا في الشرق؛ بل إنه يتوافر للذين ينكشف لهم الوجود النوراني الشعشعانيّ المنبعث من الشرق فيحلّ في ذواتهم فيغمُرَها بالمعارف، فتنزع الذات العارفة إلى إدراك المعقولات غير المركوزة في أيّة جِبِلـّّة. وهذه الحال كانت -في رأي السهروردي- حال "أفلاطون ومن سبقه من قدماء يونان".
إلا أنَّ السؤال الكبير الذي يُطرح في هذا السياق هو الآتي: كيف كشفّ السهرورديُّ صلة "أفلاطون وقدماء يونان" بأُمَّة الفرس العتيقة وحكمائها الخُسْروانيين، كما يسميّهم في مكان آخر؟ صحيح أنَّ كبارًا سواه عظمّوا أفلاطون مثل الجرجاني (1340-1413م) صاحب التعريفات وعدُّوه رئيس الإشراقييّن(8)، وكان سبق لمدارس فكريّة في دار الإسلام كصابئة حرَّان والإسماعيلية وإخوان الصّـفاء أن بلغ الأمر ببعضها أن رفعته إلى مقام النبوءة، إلا أنَّ ملاّ صدرا - وهو من هو في هذا الميدان - يقرّر بوضوح أنَّ السهروردي هو "شيخ أتباع المشرقييّن المحيي رسومَ حكماءِ الفُرس في قواعد النور والظلمة"(9).
وإذا كانت تلك "الحكمة العتيقة" التي ترعرعت في أُمَم الشرق، وانتقلت إلى أُمّة يونان اعتبرها السهروردي "الخميرة الأَزليَّة " فإنها استمرَّت في سلسلة من المتصوّفين الإسلامييّن كالبسطامي والحلاَّج والخرَّقاني والفيثاغورثيين الأفلاطونييّن الذين توافر لهم بين المسلمين نظراء من أمثال: ذي النون المصري (246هـ) وسهل بن عبد الله التُسْتَري (283هـ). وقد جمع السهروردي بين خميرتَي السلسلة في خميرة مقدسَّة واحدة هي الحكمة اللـَّدُنية التي تؤهّل السالك الآخذ بها والمشبع بتعاليمها لبلوغ مرتبة الحكيم المتألـِّه. وقد أيَّد صدر الدين الشيرازي استمرار السلسلة في شخصيْ البسطامي والحلاج واعتبرهما من الحكماء المتألهين؛ حيث وصفهما بأنهما "من العرفاء ومتألهّة هذه الأمَّة الناجية".
نعود الآن إلى سؤالنا حول صلة أفلاطون وقدماء يونان بأُمّة الفرس العتيقة وحكمائها الخُسْروانييّن، وقد حالت دون الإجابة عنه صلة الفكرة التي واكبت السؤال، فنقول:
ظهر زرادشت في القرن السابع قبل الميلاد أو السادس بحسب أبحاث قام بها اختصاصيون في الديانة الزرادشتيّة؛ إلا أنَّ أبحاثًا حديثة طرحت الموضوع من جديد، مستندة إلى معطيات لغوية في إطار علم اللغات المقارن إضافةً إلى المعطيات السابقة، فتبيَّن لأصحابها أنَّ زمان ظهور نبي الآرييّن والإيرانييّن يعود إلى 1500 سنة قبل الميلاد(10).
ومهما يكن من أمر فإنَّ مضمون دعوته انتشر بعد أن أمَّن له الحماية الأمير ويشتاسـﭘا أو كُشتاسـﭘا وأشراف آخرون. إلاّ أنَّ تأسيس الشاهنشاهية الأَخمينيّة في القرن السابع قبل الميلاد واحتلال الزرادشتيّة المرتبة الأولى بين الديانات التي كانت سائدة يومذاك مثل الميترائيّة وسواها -لاعتناق معظم ملوك الأخمينييّن- لها كان عاملاّ مهمًّا في انتشارها وعبورها نحو أوروبا، عبْر آسيا الصغرى التي دخلت أقسام منها كبيرة في رقعة الأَخمينيين، وكانت اليونان تسيطر على أقسام منها, وجالياتُها منتشرة فيها. ثم كانت الحملة الأخمينية الشهيرة على اليونان وأثينا بوجه خاص معبرًا للمعتقدات ومقوّمات الحضارة الإيرانية إلى بلاد يونان. وهكذا تعرَّف مثَقَّفُو اليونان ومفكرّوهم وأُدباؤهم -وبخاصّة كتّاب المسرح اليوناني- على تراث إيران، من أمثال أنا غْزاغوراس وسقراط ثم أفلاطون وسواهم. وفي شأن أفلاطون يذكر أُودوكس الكنيديEudoxe de Knide أنَّ المنتمين إلى أكاديميّة أفلاطون كانوا يُبدون اهتمامًا بل شغفًا بتعاليم زرادشت. كما جرى العثور على رقّ من البردي في هركولانوم Herculanum دُوِّنت فيه لائحة بأسماء تلامذة أكاديمية أفلاطون ورد فيه اسم طالب "كلدانِيّ"(11)، والمعروف أنه كان تابعًا لشاهنشاهيّة الأخمينيين التي كانت بلاد ما بين النهرين جزءًا منها, وقد تسمَّى بعض شاهات إيران باسم ملك بابل، من بين ألقابه الملوكيّة الكثيرة. وقد يكون هذا التلميذ "الأخمينيّ" مصدرًا لما ذكره أُودوكس وسواه من مُرتادي الأكاديميّة عن الصلة بين زرداشت وأفلاطون.
فإذا عدنا الآن إلى الأُمم التي أسهمت في حكمة الإشراق التي أحياها السهرورديّ -إضافة ً إلى أُمّة الفرس العتيقة وقدماء يونان- ألفيناه يذكر أئمة هند وبابل ومصر -كذلك- على أنهم مصادر هذه الحكمة، وبذلك ترتدي حكمته حلـَّة ً أُمَميّة. أمّا الهنود فهم شعبٌ آريٌ كالإيرانيين، وكانا شعبًا واحدًا من قبل أن تهاجر فصائل منهم إلى الهضبة الإيرانية وفصائل إلى أوروبا. ومعروف عن الهنود في دياناتهم المختلفة أخذهم بالمعرفة الذوقيّة, ونزعتهم الصوفيّة الروحانيّة الخاصّة المجانسة لمفهوم الإشراق. ومن يقرأ الفيدا Veda الهنديّة والأفستا الإيرانيةAvesta يجد لغتيهما متقاربتين كالسريانيّة والعربيّة السّاميتين. أمّا بابل فكانت مركز إقامة شتويّة لملك الملوك الأخميني، وقد انتقلت إليها تعاليم الزرادشتيّة والمجوسيّة الماديَّة (Mèdes), واختلطت بتراث كلدة حيث تداولت الأرض الخصيبة مدنيَّات شتى، فأدّى ذلك إلى نشوء ما يمكن تسميته: المجوسيّة الكلدانيّة. وقد تسرّبت هذه الحكمة المركبَّة -عبْر سوريا- إلى الإسكندريّة، فيما أصبحت مركزًا فكريّا للثقافة الهلـِّينيّة، وبوجه خاص للأفلاطونية الحديثة. وقد أدَّى هذا المدَّ الدينيّ الفلسفيّ في هذه البؤرة الجديدة المتجانسة إلى التقاء مذاهب دينية/فكريّة متعددة، كالأفلاطونيّة والهرمسيّة والأورفيّة والمجوسيّة الكلدانيّة، وقد تردَّد صدى هذا المزيج العجيب في آثار السهرورديّ، كما تردّد كثيراً في مؤلفاته ذكرهرمس وشيت. أمّا أئمة مصر الذين ذكرهم السهرورديّ إلى جانب هؤلاء فـَهُمْ الطبقة الثالثة من طبقات الكهّان المصرييّن التي تضمّ أبناء أُخت هِرمِس، وكانت تعرف باسم طبقة الإشراقيين بحسب قول ابن وحشيّة في كتاب الفلاحة النبْطيّة (12).
بين العقل والقلب: الحكمة المتألِّهة
بعد هذه الرحلة عابرة المجاهل الفكريّة، ولو بطائرة اخترقت جدار المكان ومسار الزمان، لا بدَّ لنا من إيراد بعض التعريفات، ولا أقول التحديدات؛ لأنَّ الفكر لا يُحدّ بكلمات، مهما تكن من الدقَّة والدلالة والإيحاء بمقدار. فقد نشأ التصوّف لأسباب شتّى واستوعب في تياره الذوقيّ توجّهات دينيّة واعتقاديّة وفكريّة كثيرة؛ إلاّ أنَّ علـّة وجوده الداخليّة كانت معاناة فئات تبيّن لها أنَّ العقل عجز عن كشف الحقيقة الكامنة وراء الكون والمكان، كما يقول حافظ الشيرازيّّ. فالحواسّ والإدراك الحسّي والاستدلالات المنطقيّة والمبادئ العقليّة لم تكشف السّتر عن لغز الوجود. عندئذ توجهّت تلك الفئات إلى القلب وإلهامه، وبان لها أنَّ الإنسان -إذا تحررّ من علائق الدنيا المحسوسة، وبادر إلى تزكية النفس وتصفية الباطن منه- يمكنه أن يتصل -في لحظة جذب عُلـْوية- بالوجود المطلق أو الحقّ، تعالى وتبارك، وذلك عن طريق الكشف والشهود، وعندئذ ينفذ السالك البالغ مقام العرفان إلى كنهِ الموجودات الذي يتجلـّى له. إلاّ أنَّ الكشف والشهود ليسا سـِيَّيْنِ؛ فالمكاشفة -بحسب السهروردي- هي حصول علم للنفس إما بفكر أو حدْس أو سانح غيبيّ متعلق بأمر جزئي واقع في الماضي أو المستقبل. والمشاهدة هي شروق الأنوار على النفس بحيث ينقطع منازعة الوهم (13).
من الفلسفة والعرفان إلى الحكمة
أما حكمة الإشراق فتجمع التوجّه البحثيّ الفلسفي إلى المشاهدة الصوفيّة العرفانيّة. والحكمة المتألهة لا تعني الفلسفة أو اللاهوت بل هي مرادفة لمصطلح تيوصوفيا اليوناني Theosophia, وهكذا ليس الحكيم المتألّه الآخذ بالإشراق Theosophos صوفيَّا بحتـًا عانى التجربة الصوفيّة الروحانية من دون سلوك طريق المعرفة البحثيّة، ولا هو فيلسوف ينحو منحى البحث النظري مهملاً المعرفة الصوفيّة؛ بل هو جامع البحث والذوق في خط متكامل. وهذا الأمر شكَّل المسار الفكريّ/الروحاني والحياتي الذي سلكه السهروردي.
هذا المسار الجديد الجامع لا يتوجّه إلى تطبيقات عمليّة بالمفهوم الشائع النفعيّ؛ إذ إنَّ الفلسفة إذا هي سعت إلى تبرير ذاتها بهذا التوجّه الواقعي العاديّ فقدت رسالتها؛ إنما التطبيق أو التطابق مع شؤون الحياة من هذا المنظار يكمن في تصفية الإنسان نفسه وإغناء حياته الداخليّة بالفلسفة والذوق، وبذلك يجري السّعي بالإنسانية -عبر طلاّب الفلسفة ومريدي الحكمة ومرشديها- إلى تحقيق نموذج إنساني راق ٍ تنعكس فيه الحكمة الإلهية.
إنَّ هذا التكامل بين الفلسفة والتصوّف وامتزاجهما في الحكمة الإشراقية أو في الحكمة المتألهّة هو الخطّ الذي نراه إنسانيًا؛ لأنه يجمع طاقات الإنسان جميعاً، متجاوزاً الحدود المرسومة للملائكة. فالحكيم المتألِّه يعاين ويسمع ويتنزّل بفؤاده ما لم تره عين، ولم تسمع به أذن، ولم يخطر ببال بشر هي الحواس الباطنة تستبدل بالحواس الظاهرة, فينفذ صاحبها من حيّز المكان، ويخرج من دورة الزمان بسلطان العقل والقلب معاً. ألم يقل نبيّ الإسلام: زُويت لي الأرض فأريت مشارقها ومغاربها؟ وقد صاغ هذه المفاهيم العقلانية وما وراء العقلانية المتجلية في الفؤاد جلال الدين البلخيّ الرومي بإيضاح , خلاصته بالعربية:
"إذا رُفع القيد عن إحدى الحواس تبدلت وظائف الحواس الأخرى مجتمعة. فعندما تجوز الأذن حد النفاذ تصبح عيناً. ما أكثر الكلام الذي أُلقي في قلب موسى فأدى إلى اختلاط الرؤية بالكلام!"(14). فالحال الناشئة عن الحواس الباطنة لا تتقيد بمعطيي الزمان والمكان.
قال ابن الفارض في الموضوع نفسه:
تحقّقتُ أنّا في الحقيقة واحدٌ ... وأثْبَتَ صحوُ الجمع محوَ التشتُّتِ
فكلّي لسان، ناظرٌ, مِسْمعٌ, يدٌ ... لنطقٍ, وإدراكٍ, وسمع, وبطشةٍ
فعينيَ ناجت, واللسان مُشاهِدٌ ... وينطق مني السمعُ, واليد أَصغتِ(15)
إن حالة "الخلط ما بين الرؤية والكلام" و"اختراق ما بين الأزل إلى الأبد" هي حال تتجاوز أحوال الحياة المحسوسة والمادية؛ أي أنها حالُ ما وراء الأحوال, يمكن تسميتها بلغة الفلسفة " التجرُّد" وبلغة العرفان " الاستغراق" وما أشبه، وهي حال لا يمكن أن يستشرفها إلاَّ من خبر التجربة الصوفيّة الشاقّة المراقي.
يتناول جلال الدين الرومي هذه الحال الاستغراقيّة في أبيات أربعة, بالفارسيّة، أُترجمها بشعر عربيّ يوضح تجاوز الحيّز المكاني ومحو التسلسل الزماني لدى من يبلغ هذا المقام من الجذب، في أبيات أربعة كذلك، كما يلي:
من سِدْرة المنتهى جاوزتُ أفلاكا ... قرناً بقرن طويتُ الدهر ذيَّاكا
سوطُ الرحيم رماني في ذرى فلكٍ ... لا تجتليه عيونُ الإنسِ لولاكا
قد حال ناسوتنا لاهوت معرفةٍ ... بوركتَ من عضدٍ يمناك مرماكا
فالحال منّيَ أحوالٌ مجنَّحةٌ ... لا النطّق يشرحها أو حدْسُ مولاكا
عند هذا الحد أتساءل: هل الإنسان حواس وإدراك حسي وعقل مجرّد وحسب؟ أليس للقلب -كما يقول العارفون وأصحاب القلوب- أو لقوة وطاقة أخرى في الإنسان دور في مساعدته على تجاوز وتيرة حياته العادية إلى أحوال لا يجد لها تفسيراً أحياناً بالمنطق المعهود؟
أليس يقوم فينا -في مقابل العقل المادي الذي يحاول اختراق مدارات الكواكب بمركباته الفضائية التي ينبغي لها آلاف السنين الضوئية لتبلغ بعض تلك الكواكب- مدّ روحاني لا تقيده الحواس ولا المادة, ولا يصدمه مكان, ولا يحده زمان؟ ألسنا نشعر بذلك في أعماقنا, فتحضرنا أحوال غريبة أو نستحضرها أحياناً؟
قال صاحب " الفتوحات المكية ":
خُصصتُ بعلم لم يُخصّ بمثلهِ ... سوايَ من الرحمن والعرش والكرسي!
وفي الحديث النبوي: «إن لله عباداً ليسوا بأنبياء ولا شهداء, يغبطهم النبيُّون والشهداء, لقربهم ومكانهم من الله»(16).
إن هذا القرب من الله لا يتحقق إلا بالإيمان الراسخ؛ فهو -وحده- يتحدّى سنّة الأشياء وسلسلة الأسباب والنتائج. أليس هذا معنى قول السيد المسيح في إنجيل متى: "لو كان لكم من الإيمان قدر حبة الخردل لقلتم لهذا الجبل انتقل من هنا إلى هنالك, فينتقل، ولما استحال عليكم شيء"(17).
وهذا الإيمان الراسخ الذي يتجاوز الإقرار بالكلام هو أعلى درجات القدرة, والفرق عظيم بين التصديق والإيمان كما جاء في القرآن الكريم: ﴿قالت الأعراب آمنّا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولمّا يدخل الإيمان في قلوبكم﴾(18).
فإذا عدنا إلى الإنسان في بناء كيانه العادي أفادنا العلم أنه لم يطوّر بعد جميع قدراته, ولا هو توصل إلى استعمالها كلها, فهو لا يستخدم سوى قسم من خلايا دماغه, وهو نزر يسير, فكيف نتصور وضعه بعد تطور طاقاته؟ أليس يمكن أن يغدو يوماً قادراً على ما لا يستطيع إليه سبيلاً الآن؟ أليست البشرية تستطيع اليوم ما لم تستطعه في الماضي, عبر دهور مديدة؟
لو بُعث فينا من الماضي من يعاين في أيامنا ما صار بالنسبة إلى حياتنا اليومية عادياً مبتذلاً -مثل الهاتف والناسوخ والهاتف الخلوي والبريد الإلكتروني وعجائب الحاسوب, (الكومبيوتر) والسيارات والطائرات وأجهزة التحكم من بعيد والمركبات الفضائية وسائر مبتكرات الإنسان- لاعتبر كل هذا من المعجزات!
فلمَ لا نتبين في قدرات أشخاص تفوقوا روحياً, بتحررهم من معظم ما هو مادّي اصطلاحاً؛ أي من علائق الحياة التي تعطل الذهن وطيران الروح عبر تصفية النفس بالرياضات الروحية المستمرة وتحويل أعمالهم اليومية إلى أعمال منفوحة بروح العبادة والنزعة الإنسانية, فصفت نفوسهم حتَّى شفَّت عما لا يستطيع معاينته إلا أصحاب القلوب أو أهل القلوب, من إمكاناتٍ وكشوفاً روحية لا تتيسّر لسواهم من الملايين الذين تسيّرهم معيشتهم اليومية غير متشوفين إلى أبعد من ذلك؟
لقد عاد السيد المسيح في تعاليمه مراراً وتكراراً إلى التشديد على ضرورة التحلي بصفات الطفولة في الإنسان, ومعنى ذلك العودة إلى الصفاء الأول في الإنسان قبل أن تستغرقه الحياة الدنيا، فعندما سأله تلاميذه: "من الأعظم في ملكوت السماوات؟", "فدعا يسوع صبياً, وأقامه في وسطهم, وقال: الحق أقول لكم: لن تدخلوا ملكوت السماوات ما لم تعودوا وتصيروا كالصبية".
خير لمن أذل أحد هؤلاء الصغار, المؤمنين بي, أن يطوّق عنقه برحى حمار, ويزجّ به في لجّ البحر.
"إن تُزلّك يدك أو رجلك, فاقطعها , وأقذف بها عنك,! لَدخولك الحياة, وأنت أقطع أو أعرج, خير لك من أن تُلقى في النار الأبدية ولك يداك أو رجلان"(19).
إن السيد المسيح في هذه الكلمات وفي سواها يشدد على ضرورة عودة الإنسان الذي أزَلّته الحياة؛ أي أسقطته في الزلاّت, إلى صفاء الطفولة وطهارتها, قلباً نقياً, كي تنعكس فيه بعد صقله الأنوار الشعشعانية, كما يقول الرومي والعطار وابن عربي وسواهم من بعده. وقد استلهم هؤلاء وسواهم من العارفين الكبار تعاليم التوراة والإنجيل والقرآن، ولم يفرّقوا بين الأديان, قال ابن عربي:
وقد كنتُ قبل اليوم أُنكر صاحبي ... إذا لم يكن ديني إلى دينه داني
فأصبح قلبي قابلاً كل صورةٍ ... فمرعى لغزلانٍ وديرٌ لرهبانِ
وبيتٌ لأوثانٍ وكعبةُ طائفٍ ... وألواحُ توراةٍ ومصحفُ قرآنِِ
أدينُ بدينِ الحب كيف توجهتْ ... ركائبهُ فالحبُّ ديني وإيماني(20)
ثم جاء سعدي الشيرازي وحافظ الشيرازي وروزبهان بقلي الشيرازي وقافلة من العارفين, فأعلوا من شأن المسيح واقتبسوا من أنواره كما أعلوا من شأن نبيهم وفيوضه, وهكذا فعل من سبقهم في تاريخ الأدب الفارسي. قال حافظ الشيرازي:
همه جا خانه عشق است ﭼه مسجدﭼه كنشت(21)
أي بشعر عربيّ من ترجمتي:
كلّ ناحٍ صار للحبِّ مزارا ... مسجدُ المسلم أو دير النصارى(22)
وما أكثر ما استلهم سواه المسيح وأنفاسه المحيية سيراً على سنّة سعدي وحافظ. قال الشيخ سعدي في حبيبة خاطبها بصيغة المذكر؛ لأنه كان يصف قدّها الفارع ما ترجمته بالعربية:
قدُّ سَروٍ نحو روضٍ قد جرى ... خطوةُ محضُ انسيابٍ ما جرى!
مسَّ سطحَ الأرضِ رفقاً خالهُ ... ميِّت القبرِ مسيحاً فجرى (23)!
هذه الحياة الروحية بمعانيها الإنسانية غير المنسلخة عن معاناة الناس بل المشاركة فيها بقوة هي التي جذبتني إلى تراث التصوّف والعرفان والحكمة المتألهة؛ لأنها تعلي شأن الإنسان، وتجعل منه محور الكون, بعد محطات من" السير والسلوك" كانت بالنسبة إليّ لو أخذت بظاهرها لا بباطنها لحسبتها من صنع القدر, منذ طفولتي, مروراً بصباي وشبابي, عبوراً - بعد الزاد الكبير - إلى الكهولة والشيخوخة, وهي التي عرجت بي على جناحي يوحنّا ومحمَّد إلى وكر العنقاء في جبل القاف؛ حيث تلألأت في مرآته اللامتناهية خيالات صورة العنقاء!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ابن منظور، لسان العرب، دار صادر، لات، مادة ألِف.
(2) إخوان الصفاء، الرسالة الجامعة، تحقيق جميل صليبا، ج2، دمشق، 1952، ص403- 404.
(3) السهروردي، شهاب الدين، رسالة في شرح مقامات الصوفيّة، مخطوط راغب، 1480، صb 207؛ ومخطوط سراي أحمد الثالث، 3217، صA205(إسطنبول).
Henry Corbin,Les motifs zoroastriens dans la philosophie de Sohrawardi, Téhéran, Bibliothèque, Iranienne No20,1946, p24
(4) سورة الأعراف: 7/158-181.
(5) راجع الألواح العماديّة في: سه رسالة ازشيخ إشراق، تصحيح: نجف قُلي حبيبي، تهران، منشورات انجمن فلسفه إيران، 1356 ش، ص2 وما بعد. وكذلك مصنفات شيخ إشراق، تصحيح: سيد حسين نصر، 1355 ش، ج 3، ص110-111.
(6) فكتور الكِك، "رسالة زرادشت: ديانة آريّة موحّدة"، مجلة حوار العرب، العدد 23، س2، أكتوبر 2006، ص110-121.
(7) راجع النص في مجموعة مؤلفات السهروردي التي حقّقها كوربان Corbin في Opera Metaphysica et Mystica,vol.I,Istanbul, 1945, pp.XLI et XLII
(8) الجرجاني، كتاب التعريفات، القاهرة، 1382هـ، ص63.
(9) Opera Minora I، صXX XLI وXII
(10) فكتور الكك, " الزرادشتية دين المجاهدة المستمرة والسعادة الجماعية"، صوت داهش، س 8، ع 4، ربيع 2003، ص31.
(11) W. Jaeger ,Arisloteles , Berlin1923, pp133 SS
(12) راجع الفلاحة النبطيّة، تحقيق توفيق فهد، منشورات المعهد الفرنسي في دمشق، ص75.
Henry Corbin,Les motifs zoroastriens dans la philosophie de Sohrawardi, Téhéran, 1946 , p29 de la réedition de l 'an 2006 (1385H-S,Iranien) de l'Institut Iranien de Philosophie.
رسالة في شرح مقامات الصوفية ومعاني مصطلحاتهم، مخطوط إسطنبول الآنف الذكر، ورقة a 207.
وقد أوضح الأمر الشهرزوري شارح "حكمة الإشراق" حيث يقول: قوله "تلتمسون"، تطلبون، "أن أكتب لكم كتاباً أذكر فيه ما حصل لي بالذوق " وبالتجرد والكشف والرياضة في الخلوات، أي في حال إعراض عن الأمور البدنية والأحوال المادية والاتصال بالمجردات النورية الروحانية". راجع: الشهرزوري، شمس الدين محمَّد، شرح حكمة الإشراق، تصحيح وتحقيق ومقدمة حسين ضيائي تربتيّ، تهران، ﭙزوهشكاه علوم انساني، ﭼـاپ دوم، 1380 هـ، ش/2001 م، ص17.
(13) النص الفارسي مقتبس من شرح " المثنوي " لجلال الدين الرومي الذي دبّجته براعة العلامة سيد جعفر شهيدي، دفتر 6، ص614. والترجمة العربية لصاحب هذا البحث.
(14) التائية الكبرى لابن الفارض، طبعة لايدن.
(15) ثلاثة مصنفات للحكيم الترمذي، شتوتغارت وبيروت، منشورات فرانتس شتاينر، 1992، ص28-84.
(16) إنجيل متّى، طبعة جامعة الروح القدس - الكسليك، ص87.
(17) القرآن الكريم، سورة الحجرات 49/14.
(18) إنجيل متّى، 17/18، 1 - 8.
(19) ابن عربي، ترجمان الأشواق، قافية: ن.
(20) ديوان حافظ، تهران، انتشارات هنرور، براساس نسخه تصحيح شده قزويني وغني، 1384 هـ. ش (2005م)، ﭽاﭗ، ص63.
(21) فكتور الكِك، مختارات من الشعر الفارسي، الكويت، مؤسّسة البابطين، 2000 م مطلع الغزلية مترجمة بالعربية:
لا يُعاب العاصُ إن ضلّ وحارا... أيها الزاهد لا تمحضْهُ عارا
وبالفارسية: عيب رندان مكن أي زاهد ﭙاكيزه سرشت
كه كناه دكرى برتو نخواهند نوشت
(22) فكتور الكّك، مختارات من الشعر الفارسي، ص102 - 103.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق