حَصَانَهْ - عبد اللطيف العلوي

أَعِيدُوا لَهُ صَوْلَجانَهْ!

أَعِيدُوا إِليْهِ النّياشِينَ والْمَوْكِبَ الْعسْكَرِيَّ الْمَهِيبَ،

أَعِيدُوا لهُ عُنْفُوانَهْ!

وبُوقَ الدّعايَةِ والصّوَرَ الْحَائطِيَّةَ،

في كلِّ بيتٍ وفِي كلِّ مَبْغًى وفي كُلِّ حانَهْ!

أَعِيدُوا لهُ الْخُطَبَ الْمَلْحمِيّةَ تَدوِي بدونِ إنقِطاعٍ،

أعيدُوا إليهِ لِسانَهْ!

أعيدُوا إِليْهِ الصّبايَا اللّواتِي تَمَرَّغْنَ يومًا على راحَتَيْهِ،

وفتَّحْنَ في ليلِهِ وَرْدَهنَّ الخَجُولَ

أَعِيدُوا إليهِ حِسَانَهْ!

لِيَبْدُو إلهًا عظِيمًا، وسيمًا حكيمًا،

بِوَجْهٍ قَسيمٍ، وعينيْنِ برَّاقَتَيْنِ،

وشعْرٍ حريرٍ يزيدُ افْتِتَانَهْ

أَعِيدُوا إليهِ زمانَهْ!

ولكنَّكُمْ لنْ تُعِيدُوا إليهِ الْحَصَانَهْ!

سَنَرْقُصُ حولَ فَخامَتِهِ كلَّ يومٍ عُراةً

وَنقْذِفُهُ بالطَّماطِمِ والْجِبْنةِ الفاسِدَهْ!

بِحِفَاظَاتِ أَطْفالِنَا البائِسينَ،

وبالْمُهْملاَتِ،

وأَحْذيةِ المُومِساتِ،

بكلِّ الْكلامِ القَبيحِ الْفصيحِ،

ولَعْنتِنَا الْخالِدَهْ!

ببقَايَا الْكلابِ العقُورةِ

والقِطَطِ الشَّاردَهْ...

فأخْشَعُوا ما اسْتَطَعتُمْ

وَحُجُّوا إِليهِ وصلُّوا عليهِ

بكلِّ اسْتِكانَهْ!

ولكنّكُمْ لنْ تُعِيدُوا إِلَيْهِ الْحَصَانَهْ!

لِنُغْلِقْ جميعَ الْحِساباتِ يا سَادَتِي أَوّلاً!

مَنْ سيدفَعُ فاتُورَةَ الجمرِ خمسين عامَا ؟؟

أَجَلْ قُلتُ خَمسينَ عامًا، بكُلِّ فوائِضِهَا ..

لستُ أَنْسَى دُموعَ الْمهانَهْ

وأسماءَ مَنْ عُلِّقُوا كالذّبائِحِ،

أَوْ أَسْقَطَتْهُمْ على غَفْلةٍ طلَقاتُ الْخِيانَهْ.

أَنا لستُ أَنْسَى ...

ولمْ يبقَ لي غيرُ هذِي الْقَصائِدِ،

أَرْفَعُها فوقَكُمْ مثلَ حبلِ الْعَدالةِ

حينًا أَشُدُّ إِلَيَّ،

وحِينًا أَرُدُّ وَأُرْخِي عِنَانَهْ

أجَلْ أيُّها البَائِدُونَ السّبايَا...

بإمكانِكمْ أَنْ تُعِيدُوا إِليهِ الْحيَاةَ

إِذا شَاءَ ربُّ الْحَيَاةِ!

وما كانَ يومًا لهُ أَوْ عليْهِ على الرَّغْمِ منَّا

بإِمكانِكُمْ أنْ تُعِيدُوا إذا شِئْتُمُ سَيْفَهُ وَحِصَانَهْ!

ولكنّكُمْ لَنْ تُعِيدُوا إِليهِ الْحصانَهْ!

ــــــــــــــــــــــــــ

من ديوان: عادات سيف الدولة - تونس 2014